ارتفعت أسعار النفط للجلسة الثالثة على التوالي، مع تجاوز خام برنت حاجز 80 دولاراً للبرميل، مسجلاً أعلى مستوى له منذ أكثر من أربعة أشهر، وفقاً لرويترز. وجاء هذا الارتفاع مدفوعاً بتوسيع الولايات المتحدة نطاق عقوباتها على النفط الروسي وتأثير ذلك المتوقع على الإمدادات الموجهة إلى أهم الأسواق، وهما الصين والهند.
ووفقاً للبيانات، ارتفعت عقود خام برنت الآجلة بمقدار 1.20 دولار، أي ما يعادل 1.5%، لتصل إلى 80.96 دولار للبرميل بحلول الساعة 10:22 بتوقيت غرينتش، بعدما لامست مستوى 81.49 دولار، وهو الأعلى منذ 27 أغسطس. كما صعد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بمقدار 1.30 دولار، أو 1.7%، ليبلغ 77.87 دولار للبرميل، بعد أن سجل مستوى 78.58 دولار، الأعلى منذ 15 أغسطس.
أسفر هذا الارتفاع المستمر منذ 8 يناير عن مكاسب قدرها 6% لكل من خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط، إذ قفزت الأسعار يوم الجمعة بعد إعلان وزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات جديدة موسعة على النفط الروسي. وتشمل هذه العقوبات شركات إنتاج كبرى مثل “غازبروم نفط” و”سورغوت نفت غاز”، بالإضافة إلى 183 سفينة شاركت في نقل النفط الروسي.
وتشير توقعات الخبراء إلى أن العقوبات الجديدة ستؤثر بشكل كبير على صادرات النفط الروسية، مما سيدفع الصين والهند إلى البحث عن بدائل في الشرق الأوسط وإفريقيا والأمريكيتين، وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط وتكاليف الشحن. وأوضح محللون أن المخاوف بشأن اضطرابات الإمدادات تضغط على الأسواق بشكل ملحوظ.
وفي هذا السياق، صرح المحلل تاماس فارغا من شركة “PVM” بأن هناك قلقاً حقيقياً في الأسواق بشأن تأثير العقوبات. وأضاف أن السيناريو الأسوأ لصادرات النفط الروسي يبدو أكثر واقعية، لكنه أشار إلى أن فترة السماح التي تنتهي في 12 مارس قد تخفف من حدة الاضطرابات على المدى القريب.
وفقاً لتقديرات بنك “جولدمان ساكس”، فإن العقوبات الجديدة تستهدف سفناً تنقل ما يقارب 1.7 مليون برميل يوميًا، وهو ما يعادل 25% من صادرات روسيا. وأشار البنك إلى أن نطاق توقعاته لأسعار خام برنت بين 70 و85 دولاراً قد يتجه نحو الارتفاع.
وفي ظل هذه التوقعات، شهدت الأسواق حالة من التراجع (backwardation) في الفروق السعرية للعقود الشهرية، حيث باتت الأسعار الفورية أعلى من الأسعار المستقبلية، مما يعكس نقص الإمدادات.
تصفح أيضاً: تراجع الأسواق الآسيوية وقوة الدولار تثير التساؤلات حول سياسات الاحتياطي الفيدرالي
وأشار محللون من “RBC Capital Markets” إلى أن مضاعفة عدد السفن الخاضعة للعقوبات يمثل تحدياً لوجستياً كبيراً قد يؤثر على تدفقات النفط الخام.
بدوره، أكد إيغو سانومي، مؤسس شركة “تاليفيراس بتروليوم”، أن الشركات لن تتعامل مع السفن المدرجة على قوائم العقوبات أو تدخل في صفقات جديدة معها.
وأضاف أن الإمدادات الروسية ستتأثر، لكنه رأى أن تأثير ذلك قد يكون محدوداً نظراً لقدرة “أوبك” على تعويض أي نقص في السوق، حيث تحتفظ المنظمة بطاقة إنتاجية فائضة تقدر بـ5.86 مليون برميل يومياً، ما يعادل 5.7% من الطلب العالمي.
وتشير المعلومات إلى أن العديد من السفن التي شملتها العقوبات الأخيرة كانت تُستخدم لنقل النفط إلى الصين والهند، بعد أن أدت العقوبات الغربية السابقة وسقف الأسعار الذي فرضته مجموعة السبع في عام 2022 إلى تحول تجارة النفط الروسي من أوروبا إلى آسيا.
وفي تعليق آخر، أشار هاري تشيلينغيريان، رئيس الأبحاث في “أونيكس كابيتال جروب”، إلى أن العقوبات الجديدة التي استهدفت شركات النفط الروسية وعدداً كبيراً من السفن ستؤثر بشكل خاص على الهند، التي قد تجد نفسها مضطرة لإعادة النظر في استراتيجياتها لتأمين احتياجاتها النفطية.
في المقابل، أشار محللو بنك “جيه بي مورغان” إلى أن روسيا قد تتمكن من المناورة في مواجهة العقوبات الجديدة من خلال الحصول على ناقلات غير خاضعة للعقوبات أو بيع النفط بأسعار تقل عن 60 دولاراً للبرميل، للاستفادة من التأمين الغربي وفقاً لسقف الأسعار المحدد من قبل الدول الغربية.