شهدت أسواق الأسهم العالمية حالة من التراجع المحدود، فيما واصل الدولار الأمريكي انخفاضه، على خلفية مخاوف مستمرة بشأن الآفاق المالية للدول الكبرى المتقدمة، وغياب التقدم في مفاوضات التجارة الدولية.
إذ يساور المستثمرين قلق متزايد جراء المديونية الضخمة التي تبلغ 36 تريليون دولار في الولايات المتحدة، في ظل تحركات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الرامية إلى خفض الضرائب، وهو ما قد يزيد من الدين العام بمقدار يتراوح بين ثلاثة وخمسة تريليونات دولار.
ويرافق هذا القلق أيضاً عدم إحراز تقدم ملموس في المباحثات التجارية، وسط مطالب من شركاء واشنطن بتخفيف أو إلغاء الرسوم الجمركية.
في ذات السياق، ارتفعت أسعار النفط أكثر من واحد في المئة، إثر تقرير نشرته شبكة “سي إن إن” أفاد بأن إسرائيل تستعد لتوجيه ضربات إلى المنشآت النووية الإيرانية، مما أثار مخاوف من تأثيرات على إمدادات النفط من منطقة الشرق الأوسط الحيوية، وأعاد إلى الواجهة المخاوف الجيوسياسية التي تؤثر على الأسواق العالمية للطاقة.
وعلى الرغم من ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية، إذ بلغ العائد على السندات لأجل ثلاثين سنة خمسة بالمئة، إلا أن الدولار لم يستفد من هذه الزيادة، إذ توجه المستثمرون إلى العملات التي تُعد ملاذات آمنة مثل الين الياباني والفرنك السويسري.
وبحسب كريس ويستون، رئيس قسم الأبحاث في شركة “بيبرستون”، فإن التوجه نحو نقل رؤوس الأموال خارج الولايات المتحدة بدأ يأخذ زخماً، وإن لم يصل بعد إلى حد النزوح الجماعي، حيث بدأ المستثمرون يبحثون مجدداً عن فرص في أسواق أخرى. وفي آسيا، ارتفع مؤشر “إم إس سي آي” الأشمل للأسواق الإقليمية خارج اليابان بنسبة 0.8%، محققاً أعلى مستوياته منذ سبعة أشهر.
ترشيحات: التضخم البريطاني يسجل قفزة مفاجئة في أبريل وتقلّص آمال خفض الفائدة
كما شهدت سوق العملات تسارعاً في عمليات بيع الدولار، مما دفع بالين والفرنك السويسري واليورو إلى تحقيق أقوى مستوياتها خلال أسبوعين. فيما وصل الجنيه الإسترليني إلى أعلى مستوى له في ثلاثة أسابيع عند 1.3428 دولار، مدعوماً بارتفاع معدل التضخم في بريطانيا إلى 3.5% في أبريل، مقابل 2.6% في مارس. تتابع الأسواق عن كثب اجتماعات وزراء مالية مجموعة الدول السبع في كندا، بحثاً عن مؤشرات توضح ما إذا كان ضعف الدولار قد يسهم في تحريك مفاوضات التجارة.
في الوقت نفسه، ظل سوق السندات اليابانية متوتراً عقب موجة بيع حادة شهدتها السندات طويلة الأجل، حيث اقتربت عوائد السندات الأطول أجلاً من مستويات قياسية، وسط تساؤلات حول كيفية تمويل الحكومة اليابانية لحزمة تحفيز مالي جديدة، بالتزامن مع جهود البنك المركزي لتطبيع السياسة النقدية.
أما البيانات الاقتصادية فقد أظهرت انخفاض شحنات اليابان إلى الولايات المتحدة في أبريل، على الرغم من ارتفاع الصادرات للشهر السابع على التوالي، وهو ما يبرز تأثير التعريفات الجمركية الأمريكية التي فرضها الرئيس ترامب على التعافي الاقتصادي الياباني الهش.
وأكد المحللون أن أي تقدم في الاتفاقيات التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها من شأنه أن يعزز من شهية المخاطر في الأسواق، إلا أن هناك مخاوف قائمة من أن السياسات الأمريكية قد تضر بالاقتصاد العالمي.
وذكر مسؤولون في مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أن الأسعار ترتفع تحت تأثير زيادة التعريفات الجمركية على الواردات، داعين إلى التحلي بالصبر قبل اتخاذ قرارات بشأن أسعار الفائدة. وفي ضوء هذه التطورات، ارتفعت أسعار الذهب مع تراجع الدولار، حيث لجأ المستثمرون إلى الأصول الآمنة، مسجلاً ارتفاعاً بنسبة 0.7% ليبلغ 3311 دولاراً للأونصة، وهو أعلى مستوى منذ أكثر من أسبوع.




