أعلن الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، يوم الأربعاء، عبر منصة “إكس”، استقالته من منصبه غير الرسمي كقائد فعلي لـ”وزارة كفاءة الحكومة” (DOGE)، وهي الهيئة التي أُنشئت لتعزيز كفاءة العمل الحكومي وتقليص الهدر في الإنفاق العام. وقد أكد مسؤول في البيت الأبيض، رفض الكشف عن هويته، لوكالة أسوشيتد برس، أن ماسك أنهى بالفعل مهامه الرسمية كموظف حكومي خاص.
في تغريدة رسمية، كتب ماسك: “مع انتهاء فترة عملي المحددة كموظف حكومي خاص، أود أن أشكر الرئيس دونالد ترامب على إتاحة الفرصة لي للمساهمة في تقليص الإنفاق الحكومي غير الضروري. وستواصل مهمة DOGE ترسيخ حضورها، لتصبح نهجًا ثابتًا في الإدارة الحكومية”.
تصفح أيضاً: ترامب ميديا تعلن صفقة خزانة بيتكوين بقيمة 2.5 مليار دولار وارتفاع السيولة إلى أكثر من 3 مليارات
ويأتي هذا الإعلان بعد أسابيع من التلميحات التي أطلقها ماسك خلال مؤتمر أرباح شركة تسلا في أبريل الماضي، حيث أشار إلى نيته تقليص انخراطه في DOGE بشكل “كبير”، مع التركيز على إدارة مشاريعه الرئيسية، وعلى رأسها تسلا وسبيس إكس ومنصة “إكس”. وعلى الرغم من تلك التصريحات، لم يعلن حينها عن مغادرته الفعلية، مؤكّدًا أنه سيبقى “طالما أن وجوده مفيد” وبناءً على رغبة الرئيس ترامب.
غير أن المستجدات الأخيرة تشير إلى أن ماسك يرى أن الوقت قد حان للانسحاب. وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس ترامب لم يُصدر حتى الآن أي تصريح علني بشأن هذه الخطوة، رغم أن الإعلان جاء بعد يوم واحد فقط من انتقاد نادر وجّهه ماسك لمشروع قانون الضرائب الذي يدعمه الرئيس، واصفًا إياه بأنه “يزيد العجز في الميزانية ولا يساهم في تقليصه، بل يقوّض الجهود التي تبذلها فرق DOGE”.
ويُذكر أن ماسك كان قد صرّح سابقًا بأن DOGE ستؤدي إلى تقليص الإنفاق الحكومي بما لا يقل عن تريليوني دولار، غير أن الواقع لم يأتِ موافقًا للتوقعات. ففي أبريل، تم تعديل الهدف المالي للمبادرة ليبلغ 150 مليار دولار فقط، أي ما يمثل نسبة ضئيلة من الهدف الأصلي. وتزامن ذلك مع اضطرابات كبيرة في الوكالات الحكومية الأمريكية، حيث تم تسريح أكثر من 280 ألف موظف حكومي، في حين تم حل بعض الهيئات بالكامل، بما في ذلك الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، وهي الجهة المعنية بتقديم المساعدات الخارجية.
وتُشير التوقعات إلى أن ماسك سيعيد تركيز جهوده نحو شركاته الخاصة، التي تواجه في الآونة الأخيرة تحديات كبيرة على المستويين المالي والسمعة العامة.
فقد سجلت شركة تسلا انخفاضًا حادًا في أرباحها بلغ 71% خلال الربع الأول من عام 2025، كما تشهد منصة “إكس” تراجعًا حادًا في أعداد المستخدمين وانسحابًا متواصلًا للمعلنين، في وقت نفى فيه ماسك تقارير تفيد بأنه أبلغ الموظفين بأن المنصة “توشك على تحقيق التعادل المالي فقط”.
أما شركة سبيس إكس، فلم تكن بمنأى عن التحديات، إذ تعرضت أحدث تجاربها لإطلاق مركبة “ستارشيب” لانفجار ثالث متتالٍ وصف بـ”فك غير مجدول بسرعة عالية”، ما يضع ضغوطًا إضافية على طموحات الشركة الفضائية.
وفي حديث سابق لموقع “آرس تكنيكا”، أقر ماسك بأنه قضى وقتًا أطول مما ينبغي في الانشغال بالسياسة على حساب إدارة شركاته، قائلاً: “أعتقد أنني قضيت وقتًا زائدًا بعض الشيء في السياسة، وإن كان أقل مما يظنه الناس. لم أترك الشركات، لكن تخصيص الوقت نسبيًا كان مفرطًا من جهة الحكومة، وقد قلّصته بشكل كبير في الأسابيع الأخيرة”.
وفي خضم هذه التطورات، لا تزال تداعيات DOGE تتفاعل داخل الأوساط الحكومية والإعلامية الأمريكية، وسط تحذيرات من خبراء في تقنية المعلومات بأن الأضرار الناجمة عنها لم تبدأ إلا مؤخرًا، في حين طالت المبادرة انتقادات واسعة بسبب محاولات ماسك وفريق DOGE السيطرة على مكتب حقوق النشر الأمريكي، إضافة إلى شبهات جنائية تحوم حول بعض موظفي الوزارة.
ومع غياب أي رد رسمي من البيت الأبيض، يبقى مشهد مغادرة إيلون ماسك للهيئة الحكومية المثيرة للجدل مفتوحًا على تساؤلات عدة بشأن مستقبل DOGE، وما إذا كانت ستستمر في ظل غياب الشخصية التي كانت تمثل واجهتها الأشهر، أو أنها ستؤول إلى التلاشي مع اتساع رقعة الانتقادات والانقسامات حولها.