شهد الدولار الأمريكي استقرارًا يوم الخميس مع تحفّظ المتعاملين في الأسواق قبيل صدور تقرير الوظائف في الولايات المتحدة، فيما عزز اتفاق تجاري بين واشنطن وفيتنام الآمال بإمكانية التوصل إلى اتفاقات مماثلة مع دول أخرى قبل دخول التعريفات الجمركية الأميركية حيز التنفيذ في التاسع من يوليو.
في المقابل، سجّل الجنيه الإسترليني استقرارًا بعد تراجعه بنسبة تقارب 1% في الجلسة السابقة، وذلك عقب إعلان مكتب رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر دعمه لوزيرة المالية رايتشل ريفز التي تواجه ضغوطًا سياسية، في مسعى لتهدئة المخاوف الاستثمارية حيال الوضع المالي للمملكة المتحدة. وقد شهدت السندات الحكومية البريطانية تراجعًا حادًا يوم الأربعاء، بعدما ظهرت ريفز باكية في البرلمان في أعقاب تراجع الحكومة عن إصلاحات الرعاية الاجتماعية، ما أثار قلق الأسواق من المسار المالي المستقبلي.
في أسواق الصرف، بلغ سعر الجنيه الإسترليني 1.3628 دولار، فيما تراجع اليورو بشكل طفيف إلى 1.1788 دولار، محافظًا على مستواه القريب من ذروة سبتمبر 2021 التي سجلها مطلع الأسبوع. أما الين الياباني فقد تراجع إلى 143.84 ينًا للدولار.
اقرأ أيضاً: ارتفاع مؤشر مديري المشتريات في السعودية.. تسارع نمو القطاع غير النفطي خلال يونيو
وأوضحت كارول كونغ، خبيرة استراتيجيات العملات في بنك الكومنولث الأسترالي، أن المستثمرين يبدون قلقًا من احتمال استبدال ريفز بشخصية أقل التزامًا بالقواعد المالية الصارمة التي وضعتها الحكومة، وأكثر استعدادًا للاقتراض. وحذّرت من أن الجنيه الإسترليني سيظل معرضًا للضغوط ما لم تتخذ الحكومة البريطانية خطوات حازمة لاستعادة ثقة الأسواق في ماليتها العامة.
وفي هذا السياق، ارتفع مؤشر الدولار الأميركي، الذي يقيس أداء العملة مقابل سلة من ست عملات رئيسية، بنسبة 0.11% ليبلغ 96.862، متماسكًا قرب أدنى مستوياته منذ ثلاثة أعوام ونصف، والتي سجلها خلال هذا الأسبوع، مع توقعات بأن يسجل المؤشر انخفاضًا أسبوعيًا بنسبة 0.5%.
توجّه الأنظار الآن إلى تقرير التوظيف الشامل لشهر يونيو الصادر عن وزارة العمل الأميركية، والمقرر إصداره يوم الخميس قبيل عطلة الرابع من يوليو، بعد أن أظهرت بيانات سابقة تراجع التوظيف في القطاع الخاص للمرة الأولى منذ أكثر من عامين.
وأدى التقرير الخاص الذي أصدرته شركة “أوتوماتيك داتا بروسيسينغ” يوم الأربعاء إلى دفع المستثمرين إلى تعديل توقعاتهم بشأن موعد خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة، حيث أظهرت أداة “CME FedWatch” أن الأسواق باتت تسعّر احتمال خفض الفائدة في يوليو بنسبة 25%، مقارنة بنسبة 20% في اليوم الذي سبقه.
وأفادت تشارو تشانانا، كبيرة استراتيجيي الاستثمار في “ساكسو بنك” بسنغافورة، بأن بيانات “ADP” رفعت من أهمية تقرير الوظائف غير الزراعية، مشيرة إلى أن الأسواق قد تتخلى عن تفسير البيانات الضعيفة باعتبارها دافعًا لخفض الفائدة، لتصبح ببساطة مؤشرات سلبية، لا سيما في حال تصاعد المخاوف من دخول الاقتصاد في حالة ركود.
وفي خضم هذه التطورات، صرّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن بلاده توصلت إلى اتفاق تجاري مع فيتنام، لافتًا إلى إمكانية الضغط على دول أخرى لإبرام اتفاقات مشابهة قبل حلول التاسع من يوليو. ورغم شح التفاصيل، فقد أعلن ترامب أن السلع الفيتنامية ستُفرض عليها تعريفة جمركية بنسبة 20%، في حين ستُفرض تعريفة بنسبة 40% على البضائع المعاد شحنها عبر فيتنام من دول ثالثة.
وفي هذا الإطار، اعتبرت تشانانا أن الاتفاق الأميركي الفيتنامي إيجابي من حيث المبدأ، إلا أن معدل التعرفة جاء أعلى من التوقعات وأكثر حدة من نسبة 10% التي كانت متوقعة. وشددت على ضرورة متابعة رد فعل الصين، خاصة أن الإجراء الأميركي يستهدف البضائع المعاد شحنها بنسبة مرتفعة تبلغ 40%.
وفي تطور موازٍ، انخفضت العملة الفيتنامية “الدونغ” إلى أدنى مستوياتها التاريخية، فيما توقع محللو “يو بي إس” أن يتدخل البنك المركزي الفيتنامي لتخفيف أثر الرسوم الجمركية عبر السماح بتراجع تدريجي في قيمة العملة.
في الوقت نفسه، لم يُحرز تقدم ملموس في إبرام اتفاقات تجارية أخرى، إذ تعثرت المحادثات مع اليابان بسبب اعتبار طوكيو أن مصالحها الوطنية تتقدم على جدول التفاوض، فيما أعلن رئيس كوريا الجنوبية، لي جاي ميونغ، اليوم الخميس أن المفاوضات مع الولايات المتحدة تمر بمرحلة صعبة، ولا يمكنه تأكيد ما إذا كانت ستُختتم قبل يوم الثلاثاء المقبل.
على الصعيد الداخلي الأميركي، اقترب الجمهوريون في مجلس النواب من تمرير مشروع قانون ضخم يشمل خفضًا ضريبيًا وزيادة في الإنفاق، مدفوعًا بدعم الرئيس ترامب، بعدما نجحوا في تجاوز اعتراضات بعض المتشددين بشأن كلفته. ويُتوقع أن يُضيف هذا المشروع نحو 3.3 تريليون دولار إلى الدين العام الأميركي المتصاعد، ما أثار قلقًا واسعًا بين المستثمرين في السندات على مستوى العالم بشأن العجز المالي المتنامي في دول كبرى مثل الولايات المتحدة واليابان.
وفي ختام التعاملات، تراجعت العملات المرتبطة بالسلع، حيث انخفض الدولار الأسترالي إلى 0.65655 دولار، والدولار النيوزيلندي إلى 0.6067 دولار، مسجلين تراجعًا بنسبة 0.3% لكل منهما، وذلك قبيل صدور تقرير الوظائف الأميركي الذي تترقبه الأسواق العالمية.