شهدت الأسواق الآسيوية تراجعاً ملحوظاً اليوم الاثنين، متأثرة بضعف بيانات مبيعات التجزئة في الصين وتذبذب العقود الآجلة للأسهم الأميركية، في وقت أثارت فيه وكالة موديز المخاوف بخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة، ما أدى إلى انخفاض الدولار الأمريكي وارتفاع عوائد السندات الأميركية.
وفي ظل مؤشرات اقتصادية متباينة من الصين، أظهرت البيانات أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم لا يزال يواجه صعوبات داخلية، رغم بدء تأثير الرسوم الجمركية الأميركية في الإضرار بالصادرات. وقد تزامن ذلك مع استمرار البيت الأبيض في تصعيد لهجته الخطابية تجاه شركائه التجاريين.
في المقابل، حاول وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسينت، التقليل من أهمية خفض التصنيف الائتماني خلال مقابلات تلفزيونية أجراها الأحد، لكنه في الوقت ذاته وجّه تحذيرات شديدة اللهجة إلى شركاء بلاده التجاريين، متوعداً بفرض رسوم جمركية قصوى إذا لم يتعاملوا بـ”حسن نية” في المفاوضات التجارية.
ويزداد القلق في الأسواق من بلوغ الدين الأميركي مستوى 36 تريليون دولار، لا سيما مع اقتراب الجمهوريين من تمرير حزمة شاملة من التخفيضات الضريبية، يُقدّر البعض أنها قد تضيف ما بين 3 إلى 5 تريليونات دولار من الديون الجديدة خلال العقد المقبل.
وفقاً لرويترز، من المرتقب أن يشارك بيسينت في اجتماع مجموعة السبع خلال الأسبوع الجاري، لإجراء مزيد من المحادثات، في حين اجتمع نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين يوم الأحد لبحث ملف التجارة.
وفي هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي لدى جي بي مورغان، مايكل فيرولي، إن من غير الواضح بعد ما إذا كانت النسبة المتبادلة للرسوم الجمركية البالغة 10% -باستثناء كندا والمكسيك– ستظل كما هي أو ستُعدَّل صعوداً أو هبوطاً لبعض الدول. وأشار إلى أن متوسط التعرفة الجمركية الحالية البالغ نحو 13% يعادل زيادة ضريبية بنحو 1.2% من الناتج المحلي الإجمالي، مؤكداً أن الضبابية السياسية المصاحبة لهذه الإجراءات من شأنها أن تُثقل على معدلات النمو الاقتصادي، إلى جانب التأثير المباشر للتعرفة نفسها.
وقد انعكست هذه التطورات على ثقة المستهلكين، ما دفع المحللين إلى ترقّب نتائج أرباح شركتي “هوم ديبوت” و”تارجت” خلال هذا الأسبوع، لاستيضاح التوجّه العام في إنفاق المستهلكين.
وفي الأسواق، انخفض مؤشر “إم إس سي آي” الأوسع لأسهم آسيا والمحيط الهادئ خارج اليابان بنسبة 0.8%، بينما تراجع مؤشر “نيكي” الياباني بنسبة 0.7%. أما الأسهم الصينية القيادية، فقد انخفضت بنسبة 0.4%، بعدما جاءت بيانات مبيعات التجزئة لشهر أبريل دون التوقعات، رغم أن تراجع الإنتاج الصناعي لم يكن بالحجم الذي كان يُخشى منه.
وكانت الأسهم الأميركية قد أنهت تعاملات يوم الجمعة على ارتفاع، حيث سجل مؤشر داو جونز مكاسب بأكثر من ثلاثة أرباع النقطة المئوية، وارتفع مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” بنسبة 0.7%، فيما أضاف مؤشر “ناسداك” 0.5%.
أما العقود الآجلة الأوروبية، فقد استقرت إلى حد كبير، حيث بقيت عقود “يورو ستوكس 50” ثابتة، في حين تراجعت عقود مؤشر “فوتسي” البريطاني بنسبة 0.3%، وخسرت عقود مؤشر “داكس” الألماني 0.2%.
في غضون ذلك، تراجعت العقود الآجلة لمؤشر “ستاندرد آند بورز 500” بنسبة 1%، وانخفضت عقود “ناسداك” بنسبة 1.3%، رغم أن ذلك يأتي بعد موجة ارتفاعات كبيرة شهدتها الأسواق الأسبوع الماضي، إثر قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب خفض الرسوم الجمركية على الصين.
وارتفعت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عشر سنوات بمقدار 7 نقاط أساس لتصل إلى 4.51%، مواصلةً ارتفاعها عقب الإعلان عن قرار وكالة موديز يوم الجمعة، في حين لامست عوائد السندات لأجل ثلاثين عاماً مستوى 5%.
وتُظهر العقود الآجلة أن الأسواق لا تزال تتوقع خفضاً محدوداً في معدلات أسعار الفائدة الأميركية هذا العام، لا يتجاوز 52 نقطة أساس، مقارنةً بأكثر من 100 نقطة أساس قبل شهر. كما تشير البيانات إلى احتمال لا يتجاوز 33% لإجراء خفض في يوليو، يرتفع إلى 72% بحلول سبتمبر.
ومن المقرر أن يدلي عدد من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي بتصريحات هذا الأسبوع، من بينهم رئيس الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، جون ويليامز، ونائب الرئيس فيليب جيفرسون، مساء الاثنين، على أن يتحدث رئيس البنك المركزي الأميركي، جيروم باول، يوم الأحد المقبل.
ويُتوقع أن يُقدم بنك الاحتياطي الأسترالي على خفض معدلات الفائدة خلال اجتماعه يوم الثلاثاء، مع تأكيده على الحذر من الإفراط في التيسير النقدي.
ورغم ارتفاع العوائد، لم يستفد الدولار كثيراً، إذ واصل تراجعه وسط حالة من القلق لدى المستثمرين تجاه تقلبات السياسة التجارية الأميركية. وارتفع اليورو بنسبة 0.1% ليصل إلى 1.1184 دولار، في حين انخفض الدولار بنسبة 0.3% أمام الين الياباني ليبلغ 145.19 ين.
وفي مقابلة صحفية نُشرت مطلع الأسبوع، رأت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، أن تراجع الدولار مؤخراً يعكس فقداناً للثقة في السياسات الأميركية، وهو ما يصب في مصلحة اليورو.
وقد دعم هذا الاتجاه الفوز المفاجئ للمرشح الوسطي في الانتخابات الرئاسية في رومانيا على منافسه اليميني المتطرف المعادي للاتحاد الأوروبي، كما حقق المرشحون الوسطيون أداءً جيداً في الانتخابات الأخيرة في كل من بولندا والبرتغال.
وفي أسواق السلع، سجلت أسعار الذهب ارتفاعاً جديداً بعدما خسرت نحو 4% الأسبوع الماضي، حيث تم تداولها بزيادة قدرها 0.6% لتصل إلى 3222 دولاراً للأوقية.
أما أسعار النفط، فقد واجهت ضغوطاً في ظل مخاوف من زيادة الإنتاج من قبل منظمة أوبك وإيران. وتراجع سعر خام “برنت” بمقدار 37 سنتاً ليبلغ 65.05 دولاراً للبرميل، في حين انخفض سعر الخام الأميركي بمقدار 31 سنتاً إلى 62.18 دولاراً للبرميل.