شهدت الأسهم الآسيوية استقراراً ملحوظاً في تداولات يوم الإثنين، مدفوعة بإشارات على تحقيق تقدم في النزاع التجاري القائم بين الولايات المتحدة وكندا، الأمر الذي عزز شهية المخاطرة لدى المستثمرين، في وقت تراجع فيه الدولار وسط مخاوف من أن تُظهر بيانات الوظائف الأمريكية ضعفاً كافياً لتبرير خفض أكبر في أسعار الفائدة.
وكانت كندا قد أعلنت يوم الأحد عن سحبها لضريبة الخدمات الرقمية، سعيًا منها إلى دفع مفاوضات التجارة قُدمًا، إذ رضخت بذلك لضغوط من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وتستهدف المحادثات التوصل إلى اتفاق بحلول الحادي والعشرين من يوليو، بعد أن تم تمديد المهلة التي حددها ترامب سابقاً في التاسع من يوليو لفرض تعريفاته الجمركية “المتبادلة”. وقد أشار مسؤولون إلى أن أغلب الاتفاقات قد تُنجز بحلول عطلة يوم العمال في الأول من سبتمبر.
في السياق نفسه، يراقب المستثمرون بحذر المسار البطيء لمشروع قانون الضرائب وخفض الإنفاق الأمريكي الضخم في مجلس الشيوخ، وسط مؤشرات تفيد بإمكانية عدم إنجازه قبل الموعد الذي يفضله ترامب في الرابع من يوليو. وقد قدّر مكتب الميزانية في الكونغرس أن المشروع سيضيف نحو 3.3 تريليون دولار إلى الدين العام الأمريكي، مما يختبر مدى استعداد الأسواق الدولية لشراء سندات الخزانة الأمريكية.
في الوقت ذاته، استمرت شهية السوق قوية تجاه قطاع التكنولوجيا الأمريكي وأسهم النمو الكبرى، بما في ذلك شركة إنفيديا وألفابت وأمازون، حيث ارتفعت العقود الآجلة لمؤشر ناسداك بنسبة 0.4%، فيما أضافت العقود الآجلة لمؤشر S&P 500 نحو 0.3%. كما صعدت العقود الآجلة لمؤشر يوروستوكس 50 بنسبة 0.2%، في حين بقيت العقود الآجلة لمؤشر فوتسي مستقرة، وارتفعت العقود الآجلة لمؤشر داكس بنسبة 0.3%.
اقرأ أيضاً: مسؤولو “نيفيديا” يبيعون أسهماً تفوق مليار دولار مع تصاعد أسواق الذكاء الاصطناعي
وانتقل هذا الزخم الإيجابي إلى السوق الياباني، حيث ارتفع مؤشر نيكاي بنسبة 1.6%، بينما صعدت الأسهم الكورية الجنوبية بنسبة 0.8%. وتراجع مؤشر MSCI الأوسع نطاقًا لأسهم آسيا والمحيط الهادئ خارج اليابان بنسبة 0.2%. في المقابل، ارتفع مؤشر الأسهم الصينية الممتازة بنسبة 0.2%، في ظل تحسن طفيف في بيانات التصنيع والخدمات لشهر يونيو.
ونظراً لعطلة يوم الجمعة في الولايات المتحدة، ستصدر بيانات الوظائف قبل موعدها المعتاد بيوم، ويتوقع المحللون أن تُظهر ارتفاعًا بواقع 110 آلاف وظيفة خلال يونيو، مع ارتفاع معدل البطالة إلى 4.3%، وهو الأعلى منذ نحو عام. ويُعد تماسك سوق العمل عاملًا رئيسيًا يدفع معظم أعضاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى التريث في خفض أسعار الفائدة، حتى يتبين لهم مدى تأثير الرسوم الجمركية على التضخم. وبالتالي، فإن صدور تقرير ضعيف من شأنه أن يعزز التوقعات بإجراء خفض في يوليو بدلاً من سبتمبر.
وقد واصلت وول ستريت مكاسبها يوم الجمعة، ليسجل مؤشرا S&P 500 وناسداك مستويات إغلاق قياسية بارتفاع نصف نقطة مئوية لكل منهما، بينما قفز مؤشر داو جونز بنسبة 1%.
وأشار مايكل فيرولي، كبير خبراء الاقتصاد الأمريكي في جي بي مورغان، إلى أن “طلبات إعانة البطالة الأولية تراجعت قليلًا عن مستوياتها المرتفعة الأخيرة، في حين ارتفعت طلبات الإعانة المستمرة مرة أخرى، ما يعكس تدهور تقييم المستهلكين لأوضاع سوق العمل في تقرير الثقة الأخير”.
وأضاف أن “هاتين الحالتين توحيان بأن معدل البطالة في يونيو قد يرتفع إلى 4.3%، مع احتمال كبير أن يصل إلى 4.4%”. وإذا تحقق هذا الاحتمال الأخير، فقد ترتفع توقعات الأسواق بشأن خفض الفائدة في يوليو، متجاوزة نسبة الاحتمال الحالية البالغة 18%، وكذلك تتخطى التوقعات الحالية بخفض بمقدار 63 نقطة أساس خلال العام.
وسيكون لرئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، فرصة لتكرار نظرته الحذرة خلال مشاركته مع عدد من رؤساء البنوك المركزية في منتدى البنك المركزي الأوروبي بمدينة سينترا يوم الثلاثاء. وتُعد التوقعات بتيسير السياسة النقدية عاملًا رئيسيًا ساعد سندات الخزانة على الصمود أمام المخاوف المتعلقة بعجز الميزانية الأمريكية وحجم الاقتراض الضخم المرتبط بها.
وقد استقرت عوائد سندات الخزانة لأجل عشر سنوات عند مستوى 3.28%، بعد أن تراجعت بمقدار 9 نقاط أساس الأسبوع الماضي. في المقابل، لم يحقق الدولار أداءً جيدًا، ويرجع ذلك جزئيًا إلى المخاوف من أن تؤدي الرسوم الجمركية والسياسات المتقلبة الصادرة عن البيت الأبيض إلى إبطاء النمو الاقتصادي، وبالتالي تقويض ادعاء التفوق الأمريكي.
واقترب اليورو من أعلى مستوياته منذ سبتمبر 2021، مسجلًا 1.1727 دولار، بعد أن ارتفع بنسبة 1.7% الأسبوع الماضي، فيما استقر الجنيه الإسترليني بالقرب من ذروة مماثلة عند 1.3722 دولار. وانخفض الدولار بنسبة 0.3% أمام الين إلى 144.14، وتراجع بنسبة 0.1% أمام الدولار الكندي إلى 1.3665 عقب أنباء التجارة. كما تراجع مؤشر الدولار إلى 97.146 نقطة.
ولفت جيمس رايلي، كبير خبراء الأسواق في مؤسسة “كابيتال إيكونوميكس”، إلى أن الدولار شهد هذا العام أكبر تراجع له في مثل هذه الفترة منذ أن انتقلت الولايات المتحدة إلى نظام سعر الصرف العائم عام 1973.
وقال: “في هذه المرحلة، قد تصبح موجة الضعف الحالية ذاتية التعزيز، إذ تسعى المحافظ الأوروبية والآسيوية غير المحمية لتعديل مراكزها”. وأضاف: “نعتقد أن هذه الفترة قد تمثل نقطة تحول للعملة الأمريكية، إما أن تنعكس الاتجاهات الحالية أو أن نشهد تراجعًا إضافيًا بنسبة 5% تقريبًا”.
وفي أسواق السلع، أثّر تحسن شهية المخاطرة سلبًا على أسعار الذهب، التي استقرت عند 3,279 دولارًا للأونصة، مبتعدة بذلك عن ذروتها القياسية في أبريل عند 3,500 دولار. واستمرت أسعار النفط في التراجع وسط قلق بشأن خطط “أوبك+” لزيادة الإنتاج، وهو ما ساهم في انخفاضها بنسبة 12% الأسبوع الماضي. وتراجع خام برنت بمقدار 27 سنتًا إلى 67.50 دولارًا للبرميل، فيما هبط الخام الأمريكي بمقدار 43 سنتًا إلى 65.09 دولارًا للبرميل.