سيدني – قرر البنك المركزي الأسترالي، الثلاثاء، خفض سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 25 نقطة أساس، ليصل إلى أدنى مستوياته في عامين عند 3.85%، مستنداً إلى مؤشرات تباطؤ اقتصادي عالمي وتراجع معدلات التضخم المحلية، مع التحفظ في الوقت ذاته بشأن اتخاذ خطوات إضافية نحو التيسير النقدي.
وقد شهد الدولار الأسترالي انخفاضاً بنسبة 0.4% ليصل إلى 0.6430 دولار أمريكي، في حين ارتفعت عقود سندات الثلاث سنوات الآجلة بمقدار خمس نقاط إلى 96.40. وتشير مقايضات السوق إلى احتمال تخفيض إضافي في سعر الفائدة بمجموع 57 نقطة أساس بحلول نهاية العام.
وفي ختام اجتماعه الذي استمر يومين، أوضح البنك المركزي الأسترالي أن المخاطر التصاعدية على التضخم قد تراجعت، وأن التطورات الدولية من المتوقع أن تُثقل كاهل الاقتصاد المحلي. ويأتي هذا التحرك متماشياً مع توقعات الأسواق، خاصة بعد الإعلان عن تباطؤ التضخم المحلي وظلال التوترات التجارية العالمية التي أعقبت فرض الولايات المتحدة تعريفات جمركية مرتفعة الشهر الماضي.
وأكد المجلس في بيان رسمي أن “التضخم بات ضمن النطاق المستهدف، والمخاطر التصاعدية تبدو أقل حدة، في ظل توقعات بأن تؤثر التطورات العالمية على الاقتصاد”، مضيفاً أن “هذا القرار من شأنه أن يجعل السياسة النقدية أقل تقييداً إلى حد ما، إلا أن المجلس يظل حذراً إزاء التوقعات المستقبلية”.
ويُذكر أن معدل التضخم العام في أسعار المستهلكين ظل مستقراً عند 2.4% خلال الربع الأول من العام، في حين تراجع المقياس الأساسي المعدل إلى 2.9%، ليعود بذلك إلى نطاق البنك المستهدف البالغ 2 إلى 3% للمرة الأولى منذ أواخر عام 2021.
وفي هذا السياق، أشار شون لانغكاك، رئيس التوقعات الاقتصادية الكلية في “أوكسفورد إيكونوميكس أستراليا”، إلى أن البنك يواصل تبني نبرة حذرة تجاه خفض الفائدة، مشدداً على أن النمو الضعيف في الإنتاجية وسوق العمل الضيق لا يزالان يضغطان على تكاليف الأجور. وأوضح لانغكاك أن سعر الفائدة لا يزال “مقيداً إلى حد ما”، متوقعاً خفضين إضافيين في النصف الثاني من العام الجاري.
وقد شهدت الساحة العالمية تغيرات جذرية منذ آخر اجتماع للبنك في أبريل. إذ إن الحرب التجارية التي شنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب أربكت الأسواق المالية وخربت خطط الشركات، بعد فرضه تعريفات جمركية شاملة بنسبة 10% على واردات العالم. ورغم المواجهة الجمركية مع الصين التي كادت تدفع بالاقتصاد العالمي نحو الركود، توصّل الطرفان إلى هدنة مؤقتة تقضي بخفض الرسوم المرتفعة على السلع المتبادلة لمدة 90 يوماً.
وتجدر الإشارة إلى أن أستراليا تُعد من كبار مصدّري الموارد إلى الصين، وأي قيود تجارية على ثاني أكبر اقتصاد في العالم قد تُقوّض النمو هناك وتضعف الطلب على سلع مثل خام الحديد.
وفيما يخص المعطيات المحلية، فقد جاءت البيانات الاقتصادية متباينة، إذ إن الانتعاش المتوقع في إنفاق المستهلكين جاء ضعيفاً، في حين ظل سوق العمل متماسكاً، إذ حافظ معدل البطالة على انخفاضه عند 4.1%، وهو المستوى الذي ظل مستقراً عليه لأكثر من عام.
ورغم تسجيل نمو في الأجور خلال الربع الأول، إلا أن ذلك يُعزى إلى زيادات في الرواتب الحكومية، ولا يُتوقع أن يؤدي إلى دوامة ضارة من ارتفاع الأجور والأسعار. وفي تقريره الفصلي حول السياسة النقدية، الصادر الثلاثاء، أشار البنك إلى أن التضخم سيشهد مزيداً من الانخفاض، في حين سيرتفع معدل البطالة، نتيجة التداعيات المتسلسلة للتوترات التجارية العالمية، حتى مع افتراض خفض أسعار الفائدة وفق توقعات الأسواق.
كما حذر البنك من أن الأثر السلبي للتعريفات الجمركية التي فرضها ترامب سيؤدي إلى تباطؤ النمو العالمي، وسيكون له أثر انكماشي صافٍ على الاقتصاد الأسترالي.
المصدر: رويترز