اعلان
اعلان
البنك المركزي الهندي

البنك المركزي الهندي يُبقي على أسعار الفائدة دون تغيير ويحذر من تداعيات الرسوم الأميركية المرتقبة

أبقى البنك المركزي الهندي على أسعار الفائدة الرئيسية دون تغيير، في قرار كان متوقعاً، مؤكداً أن الاقتصاد لا يزال محافظاً على استقراره، في وقتٍ تستعد فيه الهند لمواجهة تداعيات الرسوم الجمركية الأميركية المرتفعة على صادراتها، بالتزامن مع تراجع مستويات التضخم، وهو ما قد يتيح هامشاً محدوداً لمزيد من إجراءات التيسير النقدي.

ويُنتظر أن تدخل رسوم جمركية بنسبة 25% حيّز التنفيذ على الصادرات الهندية إلى الولايات المتحدة بدءًا من يوم الجمعة، في خطوة تصعيدية تأتي بعد تحذيرات أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم إضافية “كبيرة جداً”، احتجاجاً على استمرار نيودلهي في استيراد النفط من روسيا.

وفي هذا السياق، أكد محافظ البنك المركزي الهندي، سانجاي مالهوترا، أن التحديات المرتبطة بالتجارة العالمية لا تزال قائمة، غير أن مؤشرات الاقتصاد المحلي ما زالت تبعث على التفاؤل، واصفاً آفاق النمو الهندي بأنها “مشرقة”. وجاء ذلك في بيان أعقب اجتماع لجنة السياسة النقدية التابعة للبنك، والتي صوتت بالإجماع على الإبقاء على سعر الريبو الرئيسي عند مستوى 5.50%، والاستمرار في تبنّي سياسة نقدية محايدة.

وفيما لفت مالهوترا إلى أن معدلات التضخم المسجلة جاءت أدنى بكثير من المتوقع، إلا أنه شدد على أن هذا الانخفاض يعود في الأساس إلى تذبذب أسعار المواد الغذائية، محذراً من أن مستويات التضخم قد تعاود الارتفاع مع نهاية العام الجاري.

وفي استطلاع أجرته وكالة رويترز في الفترة من 18 إلى 24 يوليو، توقع 44 من أصل 57 اقتصاديًا أن يتجه البنك إلى تثبيت الفائدة، وذلك بعد الخفض المفاجئ الذي أقرّه البنك في يونيو بمقدار 50 نقطة أساس. وحتى الآن، خفّض البنك المركزي سعر الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس خلال عام 2025، مستفيدًا من انحسار الضغوط التضخمية.

ورغم أن غالبية المحللين يرون أن هناك فسحة لمزيد من الخفض المحدود في أسعار الفائدة، إلا أن البعض منهم حذّر من أن انخفاض التضخم وعدم اليقين المحيط بالتجارة الدولية قد يدفع البنك إلى خفض إضافي بمقدار 50 نقطة أساس.

واعتبر سوجان هاجرا، كبير الاقتصاديين في مجموعة “أناند راتهي” بمومباي، أن استمرار انتقال أثر التخفيضات السابقة في السياسة النقدية، إلى جانب المستجدات على الساحة الاقتصادية العالمية، يضع البنك في حالة من الترقب. وأضاف: “هذا يفتح المجال أمام احتمال خفض إضافي بمقدار 50 نقطة أساس”.

تصفح أيضاً: الذهب يتراجع مع ارتفاع الدولار وسط ترقب الأسواق لتعيينات جديدة في مجلس الاحتياطي الفيدرالي

وفي أعقاب صدور بيان السياسة النقدية، ارتفعت عوائد السندات، حيث رأى المتعاملون أن البيان خلا من أي إشارات تُوحي بنهج تيسيري واضح، مما أبقى الأسواق في حالة انقسام بشأن مسار أسعار الفائدة. وسجّل العائد على السندات الهندية لأجل عشر سنوات ارتفاعًا بمقدار 4 نقاط أساس ليصل إلى 6.3701%، في حين لم تشهد الروبية تغيّراً يُذكر واستقرت عند مستوى 87.7350 مقابل الدولار. أما مؤشرات الأسهم الهندية فقد تراجعت بنحو 0.2% لكل منها.

وفي مذكرة تحليلية، أكدت مؤسسة “كابيتال إيكونوميكس” أن دورة خفض الفائدة التي ينتهجها البنك المركزي قد بلغت نهايتها. وكان استطلاع سابق أجرته رويترز قبل اجتماع اليوم، قد توقّع خفضاً إضافياً بمقدار 25 نقطة أساس ضمن الدورة الحالية.

ورغم تثبيت أسعار الفائدة، أبقى البنك المركزي على توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي عند مستوى 6.5%، وذلك بالرغم من تقديرات الاقتصاديين بأن الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة قد تؤدي إلى تقليص معدل النمو بما يصل إلى 40 نقطة أساس، إلى جانب تأثيرها السلبي على استثمارات القطاع الخاص.

وكانت الهند تأمل في التوصل إلى اتفاق مع واشنطن يُبقي الرسوم عند سقف لا يتجاوز 15%، إلا أن المفاوضات لم تُفضِ إلى نتائج حاسمة بعد. وأكد مسؤولون هنود أن المباحثات التجارية لا تزال جارية، لكنهم في الوقت ذاته ردّوا بقوة على الانتقادات الأميركية المتعلقة بشراء النفط من روسيا.

وفي خضم هذه التطورات، أظهرت بيانات سوق العمل الأميركية مؤشرات ضعف مفاجئة، ما دفع إلى تصاعد الدعوات لتخفيض أسعار الفائدة من جانب مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، في حين تشير تعاملات الأسواق إلى احتمال بنسبة 88% لإقرار خفض جديد في سبتمبر المقبل.

وفي نص القرار الصادر عن لجنة السياسة النقدية، جاء أن “الرياح المعاكسة الناتجة عن استمرار التوترات الجيوسياسية، وحالة عدم اليقين العالمية، والتقلبات في الأسواق المالية الدولية، تُشكل مخاطر تهدد آفاق النمو الاقتصادي”.

وكان التضخم قد انخفض في يونيو إلى أدنى مستوياته منذ ست سنوات، مسجلاً 2.10%، ومن المتوقع أن يواصل تراجعه إلى مستويات قياسية مع صدور بيانات يوليو الأسبوع المقبل، قبل أن يعاود الارتفاع لاحقاً خلال العام.

واعتبر المحافظ مالهوترا أن توقعات التضخم باتت “أكثر اعتدالاً”، معلناً عن خفض التوقعات الرسمية لمعدل التضخم خلال السنة المالية الحالية من 3.7% إلى 3.1%.

وأشار إلى أن التضخم الأساسي لا يزال مستقراً، ومن المرجح أن يظل أعلى قليلاً من 4%. وفي تعليقها على ذلك، قالت مادهفي أرورا، كبيرة الاقتصاديين لدى “إمكاي غلوبال فاينانشل سيرفيسز”، إن المخاطر النزولية للنمو باتت أكثر وضوحًا في ظل التحولات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية، مشيرة إلى أن هذه التطورات قد تُتيح للبنك فرصة لتيسير إضافي خلال ما تبقى من العام، رغم أن تصريحات المحافظ بشأن التضخم الأساسي تعني رفع سقف التوقعات لمثل هذا التوجه.

وأكد مالهوترا أن البنك المركزي سيواصل الحفاظ على مستويات كافية من السيولة في السوق، مضيفًا أن هذا التوجه ساهم في تعزيز فعالية انتقال تأثير الخفض في أسعار الفائدة إلى الاقتصاد العام. كما أعلن أن البنك، وبعد مراجعة شاملة لإطار السيولة، سيستمر في استخدام سعر سوق النقد بين البنوك لليلة واحدة كهدف تشغيلي رئيسي للسياسة النقدية.

اترك تعليقاً

تنبيه !

استقبل أفضل توصيات الأسهم والمؤشرات, السلع والعملات, على بريدك الالكتروني يومياًً