سجّل معدل التضخم البريطاني ارتفاعًا غير متوقّع في أبريل، متجاوزًا التوقّعات الرسمية وتقديرات بنك إنجلترا، ما ألقى بظلال من الشك على وتيرة خفض أسعار الفائدة في المرحلة المقبلة.
فقد أعلن مكتب الإحصاءات الوطنية أن معدل التضخم السنوي بلغ 3.5% في أبريل، صعودًا من 2.6% في مارس، في أعلى مستوى له منذ يناير 2024، وأكبر زيادة شهرية منذ عام 2022، حينما كانت مستويات التضخم تتجاوز 10%.
ويرى مراقبون اقتصاديون أن القفزة المفاجئة تعود جزئيًا إلى الارتفاع الكبير في أسعار تذاكر الطيران خلال عطلة عيد الفصح، التي وقعت هذا العام في شهر أبريل، حيث ارتفعت أسعار الرحلات الجوية بنسبة 27.5% مقارنة بمارس، وهي ثاني أعلى زيادة شهرية على الإطلاق.
وكان استطلاع أجرته “رويترز” بين خبراء الاقتصاد قد توقع وصول التضخم إلى 3.3% في أبريل، بينما توقّع بنك إنجلترا في وقت سابق من الشهر نفسه أن يبلغ 3.4%، ما يجعل القراءة الأخيرة تتجاوز كلا التقديرين.
اقرأ أيضاً: ارتفاع أسعار النفط بفعل تقارير عن استعداد إسرائيل لتوجيه ضربة لإيران
وأثار هذا الارتفاع المفاجئ قلقًا واسعًا إزاء آفاق الاقتصاد البريطاني، الذي شهد نموًا قويًا في بداية عام 2025، غير أن التوقّعات تشير إلى تباطؤ محتمل في النصف الثاني من العام. وفي هذا السياق، أعربت وزيرة المالية راشيل ريفز عن “خيبة أملها” إزاء الأرقام الأخيرة، معتبرةً أن البيانات تقلّص فرص خفض أسعار الفائدة خلال الأشهر المقبلة، رغم تأكيدها أن البلاد قطعت شوطًا كبيرًا مقارنةً بمستويات التضخم ذات الرقمين التي سُجلت في ظل الإدارة السابقة. وأضافت ريفز: “ما زلنا بحاجة إلى تسريع الخطى من أجل تعزيز القوة الشرائية للمواطنين”.
في أعقاب صدور البيانات، ارتفع الجنيه الإسترليني أمام الدولار الأمريكي، محققًا صعودًا بنحو ثلث سنت عند الساعة 06:40 بتوقيت غرينتش. وعلى إثر ذلك، خفّض المستثمرون احتمالية خفض الفائدة في أغسطس من 60% إلى 40%.
وقال باتريك أودونيل، كبير استراتيجيي الاستثمار في شركة “أومنيس إنفستمنتس”: “ينبغي أن تثير هذه البيانات تساؤلات جدّية بشأن جدوى إجراء خفض للفائدة في أغسطس”.
وبحسب تسعير العقود الآجلة لأسعار الفائدة، لا يزال المستثمرون يتوقعون نحو 35 نقطة أساس من تخفيضات بنك إنجلترا بحلول نهاية عام 2025، وهو تغيير طفيف مقارنة باليوم السابق.
كما شهدت أسعار الخدمات، التي تُعد مقياسًا أساسيًا للضغوط التضخمية الداخلية، قفزة قوية بنسبة 5.4% على أساس سنوي في أبريل، متجاوزة كل التقديرات التي رجّحت صعودها إلى 4.8%، بل وتخطّت توقعات بنك إنجلترا نفسه البالغة 5.0%. وعلى أساس شهري، ارتفعت أسعار الخدمات بنسبة 2.2%، في أكبر زيادة شهرية منذ 34 عامًا.
وقد وُصف شهر أبريل في الصحافة البريطانية بـ”أبريل الكارثي”، نتيجة زيادات في أسعار الغاز والكهرباء والمياه، إلى جانب الضرائب الأعلى المفروضة على أصحاب العمل، وكلها عوامل أسهمت في تغذية مستويات الأسعار.
وكان بنك إنجلترا قد توقّع في وقت سابق أن يصل معدل التضخم إلى 3.7% بحلول سبتمبر، غير أن بعض أعضاء البنك المركزي يختلفون بشأن التقدير الأساسي القائل بأن موجة التضخم الأخيرة لن تترك آثارًا طويلة الأمد على سلوك التسعير.
وفي هذا الإطار، صرّح كبير الاقتصاديين في بنك إنجلترا هيو بيل يوم الثلاثاء أن وتيرة خفض الفائدة كانت سريعة نسبيًا، نظرًا لاستمرار الضغوط التضخمية الناجمة عن نمو الأجور، مؤكّدًا أن تصويته هذا الشهر لصالح الإبقاء على أسعار الفائدة كان بمثابة “توقّف مؤقت” وليس “تغييرًا في المسار”.
من جهة أخرى، أظهر استطلاع نُشر صباح الأربعاء أن أرباب العمل في المملكة المتحدة بدؤوا في تقليص نسب الزيادات في رواتب الموظفين، ما يعكس تباطؤًا محتملًا في سوق العمل.
وكان بنك إنجلترا قد خفّض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة لتصل إلى 4.25% في 8 مايو، في تصويت منقسم داخل لجنة السياسة النقدية، حيث صوّت اثنان لصالح خفض أكبر، في حين اختار اثنان آخران، من بينهم هيو بيل، الإبقاء على المعدلات دون تغيير.
المصدر: رويترز