أظهر المصرفيون الأمريكيون في مؤتمر رويترز نيكست المنعقد هذا الأسبوع في نيويورك، حذراً ملحوظاً تجاه التعامل مع العملات الرقمية، على الرغم من التوقعات بأن اللوائح التنظيمية المواتية التي قد يعتمدها الرئيس المنتخب دونالد ترامب ستفتح المجال أمام المصارف للتوسع في سوق الأصول الرقمية، وفقاً لرويترز.
وفي إطار حملته الانتخابية، أعرب ترامب عن نيته دعم العملات الرقمية، مُقدماً نفسه على أنه “رئيس العملات المشفرة”، واعداً بإنهاء القيود التي فرضتها إدارة بايدن على هذا القطاع. ومع ذلك، أكد مصرفيون أن المصارف لن تتسرع في الاستثمار في هذا النوع من الأصول المعروف بتقلباته العالية.
وقال ديفيد سولومون، الرئيس التنفيذي لمجموعة جولدمان ساكس، خلال مشاركته في المؤتمر: “الإطار التنظيمي يحتاج إلى تطوير، والجميع يتكهن حول الشكل الذي ستتخذه هذه اللوائح، لكنها لا تزال غير واضحة.”
وأضاف أن المجموعة ستعيد تقييم التعامل مع العملات الرقمية الرئيسية مثل البيتكوين والإيثيريوم في حال تغيرت اللوائح، لكنه شدد على أن قدرة المصارف على العمل في هذه الأسواق تبقى محدودة للغاية في الوقت الحالي، واصفاً العملات الرقمية بأنها أصول مضاربة.
بنك نيويورك ميلون (BNY) بدأ مؤخراً بتقديم خدمات الحفظ للعملات الرقمية المدرجة ضمن المنتجات المتداولة في البورصة، فيما أكد الرئيس التنفيذي للبنك، روبن فينس، أن أي خطوات جديدة تتطلب “ضمانات مناسبة” واختبارها على مدى دورات اقتصادية متعددة لضمان صمودها أمام التقلبات
قراءة المزيد: المصرفيون الأمريكيون يتوخون الحذر تجاه العملات الرقمية رغم توقعات تخفيف اللوائح التنظيميةوأشار فينس قائلاً: “لقد شهدنا بالفعل دورات متعددة في سوق العملات الرقمية، وسيتعين علينا مراقبة تطور هذه الأصول عن كثب.”
وخلال فترة إدارة الرئيس بايدن، شددت الجهات التنظيمية على المصارف الكبرى، مما جعل من الصعب عليها الاحتفاظ بالعملات الرقمية، إلى جانب إصدار توجيهات محاسبية رفعت تكلفة تقديم خدمات الحفظ لهذه العملات بشكل كبير. ومع تولي ترامب منصبه، من المتوقع أن يتغير هذا الوضع، إذ يسعى القطاع الرقمي لتحقيق إصلاحات سياسية طموحة تهدف إلى تعزيز تبني العملات الرقمية على نطاق واسع.
وكان ترامب قد أعلن الأسبوع الماضي تعيين ديفيد ساكس، أحد كبار التنفيذيين السابقين في شركة باي بال والمدافع عن العملات الرقمية، في منصب “قيصر العملات الرقمية” في البيت الأبيض. كما رشح المحامي بول أتكينز، المعروف بمواقفه المؤيدة للعملات الرقمية، لرئاسة لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC)، وهو ما ساهم في ارتفاع سعر البيتكوين ليصل إلى 100,000 دولار لأول مرة.
ومع ذلك، لم يحدد ترامب حتى الآن المسؤولين عن الإشراف على القطاع المصرفي، بينما أكد كبير مسؤولي الرقابة في الاحتياطي الفيدرالي، مايكل بار، الذي أبدى موقفاً متحفظاً تجاه العملات الرقمية، أنه سيستمر في منصبه حتى عام 2026. ويثير هذا الوضع حالة من الغموض بشأن السرعة التي قد تتخذ بها الجهات التنظيمية خطوات لتخفيف القيود على الإقراض والتعامل بالعملات الرقمية، لا سيما بعد الأزمات التي شهدها هذا القطاع وأسهمت في انهيار بنوك مثل سيلفرغيت وسيجنيتشر العام الماضي.
كما أشار مسؤولون إلى أن هذه الأزمات، بما في ذلك انهيار بورصة FTX، تعد درساً يجب ألا يُنسى. وأوضحت كريستين جونسون، المفوضة الديمقراطية في لجنة تداول السلع الآجلة، خلال المؤتمر: “أحد مخاوفي الكبرى لأي إدارة هو نسيان الدروس المستفادة من الأزمات السابقة.”
على الرغم من التوقعات بتخفيف اللوائح، يؤكد المصرفيون أن أي توسع في سوق العملات الرقمية سيعتمد على طلب العملاء، والذي لا يزال محدوداً حتى الآن. وصرح مات جيلين، رئيس قسم الاستثمارات المصرفية وخدمات الموظفين في بنك أوف أمريكا: “نحن نقدم لعملائنا إمكانية الاستثمار في العملات الرقمية عبر صناديق متداولة في البورصة، لكن الطلب لا يزال ضعيفاً.”
من جهتها، أكدت أكيتا سماني، نائبة الرئيس الأولى في بنك يو إس بانك ومديرة استراتيجية النمو الشامل، أن الشباب المهنيين هم الأكثر ميلاً للبحث عن خيارات استثمارية تشمل الأصول الرقمية، لكن الطلب الإجمالي لا يزال “غير ملحوظ.”