ارتفع اليورو يوم الإثنين إثر إعلان اتفاق تجاري مبدئي بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، في خطوة تمثل أحدث محاولة لنزع فتيل التوترات التجارية العالمية، فيما تتجه أنظار المستثمرين هذا الأسبوع نحو اجتماعات حاسمة للبنوك المركزية في الولايات المتحدة واليابان.
وجاء الاتفاق عقب اجتماع عقد في اسكتلندا يوم الأحد، جمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، حيث تم الاتفاق على فرض تعريفة جمركية بنسبة 15% على السلع الأوروبية، وهي نسبة تقل إلى النصف مقارنة بالتعريفة التي كان من المقرر تطبيقها اعتبارًا من الأول من أغسطس.
وفي هذا السياق، ارتفع اليورو إلى مستوى 1.1753 دولار، مسجلًا زيادة بنسبة 0.1% بعد مكاسب أولية بلغت 0.3%. كما صعدت العملة الأوروبية الموحدة بنسبة 0.2% أمام الين الياباني لتسجل 173.64 ين، مواصلة مكاسبها للجلسة الخامسة على التوالي، محققة بذلك أعلى مستوى لها منذ عام.
وفي ظل تراجع المخاوف من التداعيات الاقتصادية المحتملة جراء الرسوم الجمركية، يتحول تركيز المستثمرين نحو نتائج أرباح الشركات الكبرى، بالإضافة إلى اجتماعات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي وبنك اليابان المرتقبة خلال الأيام القليلة القادمة.
وفي تصريح له عبر بودكاست مصرفي، قال رودريغو كاتريل، كبير استراتيجيي العملات في بنك أستراليا الوطني، إن الأسبوع قد يكون إيجابيًا بالنظر إلى أن قواعد اللعبة باتت أكثر وضوحًا، مؤكدًا أن هذا الوضوح قد يسهم في تحفيز التوجهات الاستثمارية على مستوى العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة.
غير أن التوصل إلى اتفاق تجاري مفصل وشامل بين أكبر اقتصادين عالميين لا يزال أمرًا بعيد المنال، في حين يستعد مفاوضون كبار من الولايات المتحدة والصين للاجتماع يوم الاثنين في العاصمة السويدية ستوكهولم.
تصفح أيضاً: الذهب ينخفض إلى أدنى مستوياته في نحو أسبوعين
أما الدولار الأميركي، فقد استقر عند مستوى 147.65 ين، فيما بقي مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأميركية أمام سلة من العملات الرئيسية، دون تغير يُذكر عند مستوى 97.582.
ويُتوقع أن يحافظ كل من الاحتياطي الفيدرالي الأميركي وبنك اليابان على أسعار الفائدة الحالية دون تغيير في اجتماعات السياسة النقدية لهذا الأسبوع، غير أن الأنظار ستتجه نحو التصريحات التالية لتلك الاجتماعات، لاستشراف توقيت الخطوات المقبلة في السياسة النقدية.
وأشار الرئيس الأميركي إلى أن الاتحاد الأوروبي يعتزم استثمار نحو 600 مليار دولار في الولايات المتحدة، مع رفع وتيرة مشترياته من الطاقة الأميركية والمعدات العسكرية بشكل كبير. ويُعد هذا الاتفاق مشابهًا للاتفاق الذي تم إبرامه الأسبوع الماضي مع اليابان، والذي يتضمن استثمار طوكيو لنحو 550 مليار دولار في السوق الأميركية، إضافة إلى فرض تعريفة جمركية بنسبة 15% على السيارات وغيرها من الواردات اليابانية.
وشهدت الأسواق الأميركية انتعاشًا ملحوظًا يوم الجمعة، إذ ارتفع مؤشر داو جونز بنسبة تقارب نصف بالمئة، في حين سجل مؤشرا ستاندرد آند بورز 500 وناسداك إغلاقات قياسية جديدة، بارتفاع بلغت نسبته أربعة أعشار بالمئة وربع بالمئة على التوالي.
ورغم ذلك، لا تزال العديد من الأصوات الأوروبية تعتبر أن نسبة 15% تمثل تعريفة مرتفعة مقارنة بالتوقعات السابقة التي كانت تأمل في التوصل إلى اتفاق يعتمد مبدأ الإعفاء المتبادل من الرسوم.
وفي هذا السياق، رأى شوكي أوموري، كبير استراتيجيي التداول في شركة ميزوهو للأوراق المالية، أن بند الاستثمار المتضمن في الاتفاق سيؤدي إلى خروج تدفقات رؤوس الأموال من أوروبا، مما يعزز قوة الدولار أمام اليورو على المدى الطويل. وأضاف أن تراجع آفاق النمو الاقتصادي نسبيًا وتدهور ميزان المدفوعات الأوروبي يشيران إلى احتمال انخفاض تدريجي في سعر صرف اليورو مقابل الدولار بعد زوال أثر الارتياح الأولي الناجم عن الاتفاق، على الرغم من الارتفاع المؤقت في قيمة العملة الأوروبية.
من جهة أخرى، تواجه الصين موعدًا نهائيًا في الثاني عشر من أغسطس للتوصل إلى اتفاق تجاري طويل الأمد مع الولايات المتحدة. ووفقًا لما نقلته صحيفة “ساوث تشاينا مورنينغ بوست” عن مصادر مطلعة، فإن من المتوقع أن تُمدد الهدنة الجمركية بين الطرفين لمدة ثلاثة أشهر إضافية.
ويأتي ذلك في وقت تواصل فيه الأسواق العالمية حالة من الترقب، مدعومة بتوقعات إيجابية قبيل أسبوع مزدحم بإعلانات نتائج الأرباح الفصلية من كبرى الشركات الأميركية، بما في ذلك آبل، مايكروسوفت، أمازون، وفيسبوك (الشركة الأم ميتا)، وهي من بين الشركات التي تؤثر أسهمها بعمق في مؤشرات السوق الرئيسية.
وفي سوق العملات الرقمية، ارتفعت عملة إيثريوم بنسبة 1.5% لتصل إلى 3,905.79 دولار، وهو أعلى مستوى تسجله منذ ديسمبر 2024.
وسُجلت هذه التطورات في وقت شهد فيه الدولار الأميركي ارتفاعًا يوم الجمعة، مدفوعًا ببيانات اقتصادية قوية تشير إلى أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد يؤجل استئناف خفض أسعار الفائدة.
أما الجنيه الإسترليني، فقد استقر عند 1.3443 دولار دون تغيير يُذكر، بينما تداول الدولار الأسترالي عند 0.6568 دولار، وسجل الدولار النيوزيلندي 0.6014 دولار، دون تغيرات ملحوظة.