واشنطن، 10 ديسمبر 2024 – في خطابٍ وُصف بالاستراتيجي والجاد، أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن على الإنجازات الاقتصادية التي حققتها إدارته، محذرًا في الوقت ذاته من عواقب عودة “الاقتصاد التراكمي” الذي انتهجته الإدارات الجمهورية في الماضي، خصوصاً خلال ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب الثانية. جاء ذلك في كلمة له في معهد بروكينغز بواشنطن، في ما قد يكون آخر خطاب له حول الاقتصاد في ظلّ التحديات التي تواجهها بلاده.
وأضاف بايدن أن إدارته قد نجحت في تعزيز الاستثمارات في مجالات البنية التحتية والصناعة والمجتمعات التي عانت من الإهمال لعدة عقود، مشيراً إلى أن هذه السياسات كانت عاملاً رئيساً في تجنب حدوث أزمة اقتصادية أكبر، ووضع الأسس اللازمة لاستمرار النمو الاقتصادي في المستقبل.
وأكد بايدن في خطابه أن “معظم الاقتصاديين يتفقون على أن الإدارة الجديدة ستواجه اقتصاداً قوياً نسبياً”، معرباً عن أمله الكبير في أن تستمر الإدارة المقبلة في تعزيز هذا التقدم وتحقيق مزيد من النجاحات. وأضاف: “لقد تبنت إدارتي نهجًا جديدًا بعد عقود من “الاقتصاد التراكمي”، الذي كان يصب في صالح الأثرياء أولاً، بينما يعمل الآن الاقتصاد على النمو من “الوسط إلى الخارج ومن الأسفل إلى الأعلى” لصالح الطبقة المتوسطة”.
وتطرق بايدن إلى النتائج التي تحققت في ولايته، مشيراً إلى أن إدارته قد نجحت في خلق 16 مليون وظيفة جديدة، وهو الرقم الأعلى في تاريخ أي ولاية رئاسية، إضافة إلى تحقيق أدنى معدل بطالة متوسط في آخر 50 عامًا. كما أشار إلى أن الفجوة العرقية في الثروات قد شهدت أدنى مستوياتها في آخر 20 عامًا. وعلى الرغم من هذه الإنجازات، اعترف بايدن بأن العمال الأمريكيين لا يزالون يعانون من تحديات التضخم وارتفاع أسعار المساكن، وهو ما يتطلب مزيداً من الجهود للتغلب عليه.
كما وجه بايدن انتقادات حادة لإدارة ترامب الأولى، مشيرًا إلى أنها فشلت في وضع خطة فعّالة للتعامل مع جائحة كوفيد-19، معتبراً أن السياسات الجمهورية مثل تخفيضات الضرائب، ونقل الوظائف إلى الخارج، وتقليص دور النقابات، قد زادت من تعقيدات الوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة وأثرت سلباً على التوقعات المالية للبلاد.
تصفح أيضاً: يلين تحذر من تداعيات ضعف الاستهلاك في الصين على الاقتصاد الأمريكي
وحذر بايدن من خطورة تقديم المزيد من التخفيضات الضريبية للأثرياء والشركات في ولاية ترامب الثانية، واصفاً ذلك بأنه “خطأ جسيم”. كما أشار إلى أن فرض ترامب لتعريفات جمركية على السلع الأجنبية قد يكون له تبعات سلبية على الاقتصاد الأمريكي، مما قد يعيد إشعال التضخم. وأضاف بايدن أن الجهود المبذولة في إدارته قد استفادت من التعاون مع الولايات التي يقودها الجمهوريون والديمقراطيون على حد سواء، وأن ترامب سيواجه صعوبة في التراجع عن هذه الاستثمارات.
وختم بايدن خطابه بتأكيد أن الحملة الانتخابية للديمقراطيين في 2024 قد تأثرت بارتفاع أسعار الغذاء والإسكان، ورغم النجاح في تقليص التضخم من ذروته التي بلغت 9% قبل عامين إلى 2.4%، فإن الناخبين قد عاقبوا الحزب الديمقراطي وقرروا منح الجمهوريين السيطرة على البيت الأبيض وكلا من مجلسي النواب والشيوخ.
وفي سياق متصل، تشير التوقعات من بنوك الاستثمار إلى أن عودة ترامب إلى البيت الأبيض قد تُسهم في إحياء النشاط التجاري من خلال صفقات جديدة، ما قد يعزز إيرادات بنوك الاستثمار على مستوى العالم بنسبة 5.7% خلال العام المقبل. لكن الخبراء الاقتصاديين يبدون قلقهم من أن التزام الجمهوريين بفرض تعريفات جمركية مرتفعة قد يؤدي إلى تجديد التضخم، في حين أن تخفيضات الضرائب الإضافية قد تؤدي إلى زيادة العجز في الميزانية الأمريكية، الذي بلغ مستويات غير مسبوقة.