اعلان
اعلان
الرئيسية » الأسواق » الأخبار الحرجة » انهيار عنيف في سوق السندات الأمريكية يعيد إلى الأذهان فوضى “الاندفاع نحو السيولة” في ذروة جائحة كورونا

انهيار عنيف في سوق السندات الأمريكية يعيد إلى الأذهان فوضى “الاندفاع نحو السيولة” في ذروة جائحة كورونا

سوق السندات الأمريكية

شهدت سوق السندات الأمريكية موجة بيع حادة أعادت إلى الأذهان مشاهد الذعر المالي الذي اجتاح الأسواق العالمية خلال بدايات جائحة كوفيد-19، فيما يعرف بـ”الاندفاع نحو السيولة”، وهو ما أثار مجددًا المخاوف بشأن هشاشة أكبر سوق للسندات في العالم.

ففي الأيام الأخيرة، سجلت سوق الخزانة الأمريكية البالغ حجمها 29 تريليون دولار تقلبات غير مسبوقة، إذ تخلى المستثمرون عن الأسهم ولجأوا إلى السندات الحكومية بحثًا عن ملاذ آمن، في ظل تصاعد التوترات التجارية. غير أن يوم الاثنين شهد تحولًا مفاجئًا، إذ تعرضت سندات الخزانة لعمليات بيع مكثفة، رغم استمرار الضغوط على سوق الأسهم، مما أدى إلى قفزة في العوائد القياسية بمقدار 17 نقطة أساس في يوم واحد، ضمن نطاق تداول تجاوز 35 نقطة أساس، وهو من بين أعنف التحركات في عوائد السندات لأجل عشر سنوات خلال العقدين الماضيين.

وتواصلت موجة البيع يومي الثلاثاء والأربعاء، حيث ارتفعت عوائد السندات لأجل عشر سنوات إلى ما فوق 4.425%، بزيادة قدرها 16 نقطة أساس خلال يوم واحد. وأشار محللون ومتعاملون في السوق إلى أن هذا الانهيار تسارعت وتيرته بفعل ما يُعتقد أنه تسييل واسع النطاق للأصول السائلة من قبل مستثمرين، بمن فيهم صناديق التحوط، لتلبية نداءات الهامش الناجمة عن خسائر في محافظهم الاستثمارية المتنوعة. وقد اضطرت بعض هذه الصناديق إلى بيع أسهمها، إذ أجبرها انهيار السوق على تقليص تداولاتها الممولة بقروض.

تصفح أيضاً: تراجع مبيعات “بورشه” في الربع الأول بنسبة 8% بفعل ضعف الطلب في الصين وأوروبا

وفي هذا السياق، صرّح يان نيفروزي، خبير استراتيجيات أسعار الفائدة الأمريكية لدى “تي دي سيكيوريتيز” في نيويورك، بأن “التحركات الكبرى عبر فئات الأصول المختلفة هي التي أطلقت شرارة هذا التفكيك في مراكز التداول”.

ووفقًا لتقديرات خبراء، فإن ما ساهم في تفاقم الموقف هو بدء تصفية ما يُعرف بـ”صفقات الأساس”، وهي استراتيجية شائعة بين صناديق التحوط تقوم على الموازنة بين مراكز في السندات الفعلية ونظيراتها في العقود الآجلة. وقد سبق أن ساهمت هذه الاستراتيجية في تفاقم انهيار سوق السندات في مارس 2020.

وأوضح نيفروزي أن “الاعتماد على علاقات التحكيم المالي، وحصول تقلص في الفروقات لأي سبب كان، يدفع المستثمرين إلى تقليص مراكزهم بشكل سريع وعنيف”.

وكانت هذه الصفقات محط أنظار الهيئات التنظيمية في السنوات الأخيرة، لما تحمله من مخاطر على استقرار الأسواق، لا سيما إذا جرى تفكيكها بشكل مفاجئ من قبل صناديق تحوط تعتمد بشكل مفرط على الرافعة المالية. ففي مثل هذه الحالات، تتراجع قدرة البنوك على توفير السيولة، ما يهدد بزعزعة حجر الأساس في النظام المالي العالمي. ووفقًا لمذكرة صادرة عن تورستن سلوك، كبير الاقتصاديين في “أبولو غلوبال مانجمنت”، فإن حجم هذه الصفقات يناهز حاليًا 800 مليار دولار.

وتعتمد صناديق التحوط عادة على أسواق إعادة الشراء لتمويل شراء السندات، مستخدمة هذه الأخيرة كضمانات. إلا أن الانخفاض الحاد في أسعار السندات بسبب عمليات البيع جعل قيمة الضمانات أقل، ما استدعى نداءات هامشية متزايدة، بحسب ما أفاد به محللون ومستثمرون. وقال ديفيد رولي، مدير المحافظ المالية والرئيس المشارك لفريق الدخل الثابت العالمي في “لوميس سايلز”، إن الأيام الأخيرة شهدت بالفعل عمليات تصفية واسعة لصفقات الأساس، إلى جانب نداءات هامشية موجهة للبنوك.

وإلى جانب ذلك، يشير بعض المحللين إلى أن السوق باتت تتبنى وجهة نظر جديدة مفادها أن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على شركاء تجاريين رئيسيين للولايات المتحدة قد تؤدي إلى ارتفاع التضخم، مما سيقيد قدرة الاحتياطي الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة رغم تباطؤ النمو الاقتصادي. وفي هذا السياق، تساءل سبنسر حكيميان، الرئيس التنفيذي لشركة “تولو كابيتال مانجمنت”: “هل يمكن بالفعل أن نشتري السندات بينما قد تصل نسبة التضخم مجددًا إلى 4% خلال الشهرين المقبلين؟”.

ويخشى كثيرون في السوق من أن نقاط الضعف التي ظهرت في مارس 2020 قد تعود للظهور إذا ما ارتفعت حدة التقلبات. وأفاد أندرو برينر، رئيس قسم الدخل الثابت الدولي في “ناشونال ألاينس كابيتال ماركتس”، في مذكرة وجهها للعملاء، بأن “عمق السيولة في سوق الخزانة كان ضعيفًا لسنوات”، مشيرًا إلى أن “تلك الصفقات التي يمكن رفعها إلى مئة ضعف أغرقت السوق في عمليات بيع يوم الاثنين”.

وإلى جانب الارتفاع الحاد في العوائد، لفت محللون إلى حدوث تغيرات واضحة في الفروقات السعرية بين السندات وسوق المقايضات على أسعار الفائدة، وهو ما يشير إلى عمليات بيع مركزة في السندات، بدلًا من كونها مجرد انعكاس لتغيرات في توقعات السياسة النقدية.

وكشف مسؤول في أحد البنوك الكبرى، طلب عدم ذكر اسمه، أن بعض المستثمرين بدأوا بالبحث عن بدائل للأصول الأمريكية في ظل حالة التقلب، بما في ذلك بدائل لسندات الخزانة.

وقد شهدت الفروقات في سوق المقايضات، والتي تعكس الفارق بين السعر الثابت للمقايضة والعائد على سندات الخزانة المماثلة، تقلصًا حادًا، لاسيما بالنسبة للآجال الطويلة. واعتبر جوناثان كوهين، رئيس استراتيجية مكتب أسعار الفائدة الأمريكية في “نومورا سيكيوريتيز إنترناشونال”، أن الأداء الضعيف لسندات الخزانة مقارنة بسوق المقايضات يعد مؤشرًا على “عمليات بيع مكثفة من مستثمرين أجانب حقيقيين”.

وأشار كوهين إلى أن رهان صناديق التحوط كان يتمثل في اتساع الفروقات في سوق المقايضات، وذلك نتيجة التوقعات بمزيد من تخفيف القواعد التنظيمية على البنوك. غير أن الاضطرابات دفعتها إلى تصفية هذه المراكز، ما زاد من وتيرة البيع.

وقد تراجعت فروقات المقايضات لعشر سنوات بشكل ملحوظ منذ إعلان ترامب فرض رسوم جمركية واسعة على الواردات في الثالث من أبريل، لتصل إلى ناقص 63 نقطة أساس، وهي النسبة الأكثر سلبية منذ أواخر عام 2022.

وأكد محللو “سيتي” في مذكرة أن عمليات البيع بلغت ذروتها يوم الاثنين، مشيرين إلى “اندفاع خفيف نحو السيولة، مع مؤشرات على تراجع الطلب على سندات الخزانة الأمريكية”. ورأوا أن العوامل التي تدفع نحو تقلص الفروقات في المقايضات تعكس في الغالب مخاوف بشأن المسار المالي العام، مضيفين أن الرسوم الجمركية فاقمت الضغوط.

وختم المحللون بالقول: “من المرجح أن يؤدي تراجع حجم التجارة العالمية إلى الحد من نمو الاحتياطيات الدولارية حول العالم، والتي غالبًا ما تتجه نحو سندات الخزانة الأمريكية”.

المصدر: رويترز

اترك تعليقاً

إخلاء المسؤولية
لا يُقصد بالمعلومات والمنشورات أن تكون، أو تشكل، أي نصيحة مالية أو استثمارية أو تجارية أو أنواع أخرى من النصائح أو التوصيات المقدمة أو المعتمدة من توصياتي 360

ازدد معرفة

يمكنك الحصول على استشارات مجانية

تنبيه !

استقبل أفضل توصيات الأسهم والمؤشرات, السلع والعملات, على بريدك الالكتروني يومياًً