أعلنت شركة “إنفيديا” الأمريكية، يوم الثلاثاء، أنها ستتحمل خسائر مالية تقدّر بنحو 5.5 مليارات دولار، نتيجة فرض الحكومة الأمريكية قيوداً صارمة على تصدير شريحة الذكاء الاصطناعي “H20” إلى الصين، والتي تُعد من الأسواق المحورية لأكثر منتجات الشركة رواجاً.
وتأتي هذه الخطوة في إطار تصعيد القيود الأمريكية على تصدير تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، في ظل سعي واشنطن إلى الحفاظ على تفوّقها التقني ومنع بكين من الوصول إلى الشرائح المتطورة. وكانت “إنفيديا” قد سارعت في وقت سابق إلى تصميم شرائح جديدة تقترب قدراتها من الحدود التي تسمح بها السلطات الأمريكية.
عقب الإعلان، شهدت أسهم “إنفيديا” تراجعاً بنسبة 6% في التداولات ما بعد الإغلاق، فيما انخفضت أسهم “إيه إم دي” بنسبة 7%، بعد أن شمل القرار شريحتها “MI308” أيضاً، إلى جانب ما يعادلها من رقائق.
وأفاد متحدث باسم وزارة التجارة الأمريكية أن الوزارة بدأت في فرض متطلبات جديدة للحصول على تراخيص تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك شريحة “H20” التابعة لإنفيديا وشريحة “MI308” التابعة لشركة “إيه إم دي”، مؤكداً التزام الوزارة بتنفيذ توجيهات الرئيس الأمريكي لحماية الأمن القومي والاقتصادي للبلاد.
تصفح أيضاً: “أبل” تستعيد صدارتها وتصبح الشركة الأعلى قيمة في العالم
بالنسبة إلى “إنفيديا”، تُعد شريحة “H20” الأكثر تطوراً المتاحة للبيع في الصين، وتشكل جزءاً محورياً من استراتيجيتها للحفاظ على موقعها داخل قطاع الذكاء الاصطناعي المتسارع في الصين. وكانت شركات صينية كبرى مثل “تينسنت” و”علي بابا” و”بايت دانس”، المالكة لتطبيق “تيك توك”، قد زادت من طلبات الشراء على هذه الشريحة، في ظل ارتفاع الطلب على نماذج الذكاء الاصطناعي منخفضة التكلفة، ولا سيما من قبل شركة “ديب سيك” الناشئة.
ورغم أن الشريحة “H20” لا تضاهي في سرعتها شرائح “إنفيديا” الأخرى المتاحة خارج السوق الصيني عند تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، فإن أداءها يُعد تنافسياً في مرحلة “الاستدلال”، وهي المرحلة التي تقدم فيها النماذج أجوبة للمستخدمين، والتي باتت تمثل الجزء الأكبر من سوق شرائح الذكاء الاصطناعي. وكان الرئيس التنفيذي لـ”إنفيديا”، جينسن هوانغ، قد صرّح في مارس الماضي بأن شركته تحتل موقعاً متقدماً يؤهلها للهيمنة على هذا التحول.
لكن “إنفيديا” أوضحت أن سبب الحظر الأمريكي يعود إلى مخاوف من إمكانية استخدام شريحة “H20” في بناء حواسيب خارقة في الصين. فعلى الرغم من أن قدراتها الحسابية أقل من الشرائح الأخرى التي تنتجها الشركة، فإن سرعتها العالية في الاتصال بشرائح الذاكرة ومكونات الحوسبة الأخرى تجعل منها أداة فعّالة في هذا المجال.
وترى الحكومة الأمريكية أن هذه القدرات قد تمكّن الصين من توظيف الشريحة في بناء حواسيب خارقة، وهو ما دفعها إلى فرض قيود صارمة منذ عام 2022 على بيع أي شرائح يُحتمل استخدامها في تلك الأنظمة. وقد أكّد “معهد التقدّم”، وهو مؤسسة بحثية غير حزبية مقرها واشنطن، أن الشركات الصينية بدأت فعلياً في بناء أنظمة بهذه الشرائح، مشيراً إلى أن شركة “تينسنت” قامت بتركيب شرائح “H20” في منشأة مخصصة لتدريب نموذج ذكاء اصطناعي ضخم، مما يشكل على الأرجح خرقاً للقيود المعمول بها. كما رجّح أن الحاسوب الخارق الذي تستخدمه “ديب سيك” لتدريب نموذجها “V3” يُعد أيضاً انتهاكاً لتلك القيود.
وأضافت “إنفيديا” أنها أُبلغت من قبل الحكومة الأمريكية في التاسع من أبريل بأن تصدير شريحة “H20” إلى الصين بات يتطلب ترخيصاً، وأن هذه القواعد دخلت حيز التنفيذ بشكل دائم ابتداءً من 14 أبريل. ولم يتضح بعد ما إذا كانت الحكومة الأمريكية ستمنح أيّاً من هذه التراخيص.
ووفقاً لرويترز، امتنعت الشركة عن تقديم تعليق إضافي، مكتفية بما ورد في إفصاحها المالي، والذي أوضحت فيه أن الخسائر المقدّرة بـ5.5 مليارات دولار ترتبط بمخزون منتجات “H20” والتزامات الشراء والاحتياطيات المرتبطة بها.
ويأتي هذا التطور بعد يوم من إعلان “إنفيديا” عزمها بناء خوادم ذكاء اصطناعي بقيمة قد تصل إلى 500 مليار دولار داخل الولايات المتحدة خلال السنوات الأربع المقبلة، بدعم من شركاء مثل شركة “تي إس إم سي”، في توافق مع توجهات إدارة الرئيس الأمريكي السابقة لدعم التصنيع المحلي.