يرى رئيس قطاع البحوث لدى “إي اف چي هيرميس” المصرية، أحمد شمس الدين، أن الرسوم الجمركية التي يفرضها ويهدد بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، هي سياسة حمائية تُقيِّد التجارة الدولية وتُصعب من تحقيق الانخفاض المطلوب في معدل التضخم من أجل خفض أسعار الفائدة، وهو ما يمثل عاملًا سلبيًا حاليًا، بالإضافة إلى الحروب التجارية.
وأشار شمس الدين إلى أن الحرب التجارية ستؤثر على نمو الاقتصاد الصيني والأميركي وعلى التجارة الدولية، مما قد يؤثر سلبًا على أسعار السلع، بما في ذلك النفط. وأضاف في مقابلة مع “العربية Business” على هامش “ملتقى الأسواق المالية” في الرياض، أن دول الخليج ستتأثر إذا تراجعت أسعار النفط، وأوضح أن أكثر الدول عرضة لهذا التأثير هي السعودية والكويت، وأقلها الإمارات، ثم قطر، ثم عمان.
وعن تأثير الرسوم الجمركية على الأسواق، ذكر شمس الدين أن نقطة التعادل للميزانية العامة في السعودية والكويت تتطلب أسعار نفط فوق 80 دولارًا للبرميل، بينما تتراوح الأسعار الحالية بين 70 إلى 74 دولارًا للبرميل. في العام الماضي، كان متوسط الأسعار بين 74 إلى 75 دولارًا للبرميل، وسجلت السعودية عجزًا بنحو 2.5% في ميزانيتها. وأوضح أن انخفاض أسعار النفط دون هذا المستوى سيزيد من عجز الميزانية، رغم أن السعودية تمتلك فوائض مالية كبيرة.
وفيما يتعلق بأسعار الذهب، لفت شمس الدين إلى أن أسعار الذهب تستفيد من الحروب والتوترات التجارية، حيث أن العقوبات الدولية المفروضة في السنتين الأخيرتين، إلى جانب القيود على التجارة الدولية، والتوقعات بأن العلاقات بين الصين وأميركا ستشهد نوعًا من الحروب التجارية، كلها تؤثر بشكل كبير على أسعار الذهب، التي ارتبطت منذ عامين بشراء البنوك المركزية لتنويع محافظها واحتياطياتها المالية، وهو ما سيستمر. كما توقع شمس الدين زيادة الطلب من البنوك المركزية على الذهب، مما سيستمر ويزداد الزخم في سوق الذهب.
تصفح أيضاً: قراصنة ينفذون أكبر سرقة في تاريخ العملات المشفرة بقيمة 1.5 مليار دولار
وتابع شمس الدين بالقول إن الحرب التجارية تؤثر على التجارة الدولية وأسعار السلع الأساسية، بينما تتباين تبعات ذلك على الأسواق الناشئة. فبينما تتضرر بعض البلدان من أسعار النفط المرتفعة، تستفيد بلدان أخرى مثل مصر. كما تتأثر حركة التجارة الدولية بإيرادات قناة السويس. وأوضح شمس الدين أن قدرة الأسواق الناشئة على تلقي طلبات جديدة ونمو هذا الطلب، تعتمد بشكل وثيق على دورة رؤوس الأموال، حيث أن جزءًا كبيرًا من تلك الدورة يستثمر في الأسواق الناشئة.
وأشار شمس الدين إلى أن دول الخليج تستفيد من ربط عملاتها بالدولار، إلا أن الإمارات تعد أكثر الدول تأثرا بالتجارة الدولية، بينما الكويت أقل تأثرا. لكن كلا الدولتين تتأثران بأسعار النفط والطلب في الصين والتجارة الدولية بشكل عام.
وأكد شمس الدين أنه لا يمكن فصل كل دولة في الأسواق الناشئة عن بعضها، حيث وصل الاقتصاد إلى مرحلة تكامل من ناحية التجارة وتدفق رؤوس الأموال. وأي عائق سيؤثر على تدفق الاستثمار الأجنبي في الأسواق الناشئة، بما في ذلك منطقة الخليج، لأن المخاطر لا تقتصر فقط على المخاطر المالية أو النقدية، بل تشمل أيضًا المخاطر المتعلقة بالنمو.
أما بالنسبة لمصر، فيختلف التأثير حيث أدت التوترات الجيوسياسية في البحر الأحمر نتيجة الحرب في غزة إلى شبه توقف لحركة الملاحة في قناة السويس. وقال شمس الدين إن نحو 7 مليارات دولار من الإيرادات الدولارية المتوقعة لم تصل إلى مصر، وأضاف أن العجز في صافي الطاقة التي تستخدمها مصر اقترب من 8 مليارات دولار بسبب تراجع إنتاج حقل ظهر بنهاية العام الماضي إلى ما بين 60 إلى 65% من طاقته الإنتاجية السابقة. وأشار إلى أن إنتاج الغاز يزيد تدريجيًا حاليًا، إلا أنه سيستغرق بعض الوقت ليعود إلى طبيعته. وإذا هدأت الأوضاع في غزة وتم التوصل إلى اتفاق، فإن ذلك سيكون إيجابيًا للاقتصاد المصري.
وفيما يتعلق بسعر الجنيه المصري، أوضح شمس الدين أن الانخفاض الأخير في سعر الجنيه مقابل الدولار يعود إلى خروج بعض الأموال الساخنة من أذون الخزانة في مصر، مع تبني البنك المركزي المصري سياسة أكثر مرونة في التعامل مع دخول وخروج الأموال الساخنة. وتوقع استمرار التذبذبات في سعر الجنيه سواء انخفاضًا أو ارتفاعًا.
وأضاف شمس الدين أن خروج بعض الأموال من أذون الخزانة جاء نتيجة تصعيد الرئيس الأميركي دونالد ترامب مؤخرًا، خصوصًا بعدما تم الإعلان عن استضافة مصر بعض الفلسطينيين من غزة، وهو ما رفضته مصر رسميًا. وأدى ذلك إلى توترات في المنطقة وأدى إلى مخاوف من أن تكون مصر جزءًا من الصراع القائم، وهو ما أثر على بعض المستثمرين. وأوضح أن مستثمري أذون الخزانة هم مستثمرون قصيرو الأجل الذين يدخلون في السوق على أمل ثبات الدولار في مصر، ثم يأخذون الفائدة ويخرجون.
أما فيما يتعلق بالقطاعات الجيدة للاستثمار، فقد أشار شمس الدين إلى أن القطاع العقاري والتشييد والبناء في السعودية يعد من القطاعات المستفيدة من حجم المشاريع القائمة، بالإضافة إلى القطاع الصحي. كما أن القطاع البنكي في السعودية والإمارات سيستفيد، حيث سجل أداءً أقل من المتوسط وسط مخاوف من تمويل النمو بسبب استنفاد السيولة المحلية في القطاع. واعتبر أن أسعار أسهم البنوك في الوقت الحالي مغرية للشراء، ومع عودة دورة الأجانب، ستستفيد البنوك الكبيرة، خاصة مع انخفاض أسعار الفائدة ووجود فرص متعددة في قطاع التجزئة.
وبالنسبة لقطاع العقارات في مصر والإمارات، أشار إلى أنه من القطاعات الجيدة، معتبرًا أن قطاع البنوك في مصر يعتبر رخيصًا جدًا من حيث القيمة الدفترية الحالية، خاصة مع العائد المرتفع على رأس المال في مصر حتى بالجنيه.