شهدت أسواق العملات الرقمية تطوراً كبيراً بعد انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة في عام 2016، حيث أظهرت البيتكوين زيادة ملحوظة في قيمتها على الرغم من أن ترامب في البداية كان قد أبدى تحفظاً على العملات الرقمية.
لم تكن هذه الزيادة المفاجئة بمعزل عن السياسات الاقتصادية المرتقبة التي أعلن عنها ترامب، الذي صرح في إحدى خطاباته: ” نحن نهدف إلى إعادة أمريكا إلى قمة الابتكار الاقتصادي والتكنولوجي من خلال سياسات جديدة تدعم ريادة الأعمال وتحرر الأسواق المالية.”. الأمر الذي دفع الكثير من المستثمرين إلى إعادة تقييم خياراتهم الاستثمارية ، ووجدوا في البيتكوين فرصة جديدة للتوسع والربح.
في الوقت ذاته، أثار انتخاب ترامب مخاوف بشأن استقرار الدولار الأمريكي، حيث دفعت التوقعات المتعلقة بتغير السياسات النقدية والتجارية المستثمرين إلى البحث عن ملاذات آمنة لحماية أصولهم، ما زاد الطلب على العملات الرقمية، وعلى رأسها البيتكوين.
تصفح أيضاً: عاجل: البيتكوين تتجاوز حاجز الـ 100 ألف دولار مسجلة مستوى قياسي جديد لهذا السبب
قبل انتخابه، كان ترامب قد صرح في أكثر من مناسبة بأنه لا يؤمن بمستقبل البيتكوين واعتبر أن هذه العملات الرقمية تهدد قيمة الدولار. ومع ذلك، لم يكن لهذه التصريحات تأثير طويل الأمد على حركة السوق، حيث بدأت البيتكوين في عام 2017 تظهر قوة غير مسبوقة، ما دفع العديد من المحللين الاقتصاديين إلى التفسير بأن هناك عوامل أخرى لعبت دوراً رئيسياً في هذا الارتفاع، أبرزها التوقعات المرتبطة بسياسات ترامب المالية.
ذكر ترامب في أول خطاب له بعد فوزه بالانتخابات أنه سيعزز من مكانة الولايات المتحدة الاقتصادية على الساحة العالمية، ما أثار الاهتمام حول كيفية تأثير ذلك على الدولار الأمريكي وتوجهات المستثمرين نحو الأصول البديلة مثل البيتكوين، وقال ترامب في الخطاب: ” سنقوم بتطبيق سياسات جديدة لدعم الاقتصاد الأمريكي، وهذا قد يؤدي إلى تغييرات جذرية في النظام المالي.”
وعلى إثر هذا الإعلان، شهدت قيمة البيتكوين ارتفاعاً قياسياً، حيث تجاوزت 100 ألف دولار لأول مرة في تاريخها. في المقابل، تعرض الدولار الأمريكي لتقلبات ملحوظة. وأوضح الخبير الاقتصادي جوناثان وايت من معهد الاقتصاد العالمي أن ” يحمل هذا القرار فرصاً هائلة لإعادة تشكيل ميزان القوى الاقتصادية، لكنه في الوقت ذاته يعرض الأسواق لمخاطر كبيرة نظراً للطبيعة المتقلبة للعملات الرقمية.”
من جانب آخر، وبالرغم من تحذيرات ترامب الأولى، فإن العديد من المستثمرين الأمريكيين والمستشارين الاقتصاديين بدأوا يتبنون البيتكوين كأداة مالية تحمي قيمتها في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي تحولات كبيرة.
وفي هذا الإطار، قال مايكل نوفوغراتز، أحد أبرز المستثمرين في العملات الرقمية: “البيتكوين ليس مجرد فقاعة، بل هو استثمار طويل الأمد، خصوصاً في ظل السياسة الاقتصادية الجديدة التي قد لا تكون مواتية للاقتصادات التقليدية.”
ومع مرور الوقت، بدأ البيتكوين يظهر كملاذ آمن للمستثمرين الذين يتجنبون تقلبات الأسواق التقليدية، وأصبح حديث الساعة في الدوائر الاقتصادية. حيث أكد الخبراء أن هذه العملات الرقمية لم تعد مجرد أداة للثراء السريع، بل أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي. على سبيل المثال، قال محافظ بنك إنجلترا السابق، مارك كارني:” إن البيتكوين والعملات الرقمية الأخرى قد تساهم في تغيير النموذج الاقتصادي العالمي بطرق غير متوقعة.”
