قفزت أسعار البيتكوين يوم الاثنين إلى مستويات قياسية تجاوزت 107,000 دولار، عقب إعلان الرئيس المنتخب دونالد ترامب عزمه إنشاء “احتياطي استراتيجي أمريكي للبيتكوين”، وهو مشروع أثار موجة من الجدل بين الخبراء ومؤيدي العملات المشفّرة.
يستند مفهوم الاحتياطي الاستراتيجي إلى تأمين موارد حيوية تُستخدم في أوقات الأزمات الاقتصادية أو الطوارئ. ولطالما اعتمدت الولايات المتحدة على الاحتياطي الاستراتيجي للنفط منذ تأسيسه عام 1975، عقب أزمة حظر النفط العربي التي هزّت الاقتصاد الأمريكي. وفي موازاة ذلك، تُخزّن دول أخرى موارد استراتيجية مختلفة؛ فبينما تمتلك كندا مخزونًا من شراب القيقب، تحتفظ الصين بمخزونات من المعادن، الحبوب، وحتى اللحوم.
غير أن إنشاء الاحتياطي الاستراتيجي للبيتكوين يُثير تساؤلات قانونية وتنفيذية؛ إذ يرى مراقبون أن ترامب قد يواجه عقبات دستورية، تتطلب إقراراً تشريعياً من الكونغرس، بينما قد يلجأ إلى توجيه وزارة الخزانة لاستخدام “صندوق تثبيت أسعار الصرف” لشراء البيتكوين وإدراجه ضمن احتياطيات الدولة.
وتشير التقديرات إلى وجود نحو 200,000 بيتكوين مُصادَرة من أنشطة غير قانونية، تُقدّر قيمتها بنحو 21 مليار دولار، بحسب بيانات bitcointreasuries.net. وسبق أن ألمح ترامب في خطاب سابق إلى إمكانية اعتماد هذه الكمية كنقطة انطلاق للمشروع، رغم تعقيد الإجراءات القانونية المرتبطة بنقل هذه الأصول من وزارة العدل.
في السياق نفسه، لم يوضح ترامب بعد ما إذا كانت الحكومة ستتجه إلى شراء البيتكوين من الأسواق المفتوحة، وهو إجراء قد يستلزم إصدار ديون إضافية. وطرح مؤيدو الفكرة مقترحاً لتمويل المشروع عبر بيع جزء من احتياطي الذهب الأمريكي.
سياسياً، تقدمت السيناتور الجمهورية سينثيا لوميس، المعروفة بدعمها للعملات المشفرة، بمشروع قانون يُلزم وزارة الخزانة بإنشاء هذا الاحتياطي عبر شراء 200,000 بيتكوين سنويًا لمدة خمس سنوات، ليصل المخزون إلى مليون بيتكوين، ما يعادل 5% من إجمالي المعروض العالمي. وينص المشروع على تمويل عمليات الشراء من عائدات الودائع الفيدرالية وأرباح الذهب، مع إلزام الحكومة بالاحتفاظ بهذه الأصول لمدة 20 عامًا على الأقل.
تصفح أيضاً: البيتكوين يتخطى حاجز 106 آلاف دولار مدعوماً بآمال إنشاء احتياطي استراتيجي
ويؤكد مؤيدو المشروع أن البيتكوين، الذي يُتوقع ارتفاعه بشكل كبير على المدى الطويل، يمكن أن يساعد الولايات المتحدة في تقليص العجز المالي دون اللجوء إلى رفع الضرائب. كما أن تعزيز الاحتياطي الرقمي قد يمنح واشنطن تفوقًا اقتصاديًا في مواجهة المنافسة الصينية المتزايدة.
وفي هذا الإطار، صرّحت السيناتور لوميس في مقابلة مع Fox Business أن خطتها ستسهم في خفض الديون الأمريكية إلى النصف خلال عقدين من الزمن. وأضافت: “سيتيح لنا هذا الاحتياطي حماية الاقتصاد من التضخم وتعزيز مكانة الدولار كعملة احتياطية عالمية، ما سيمنح الولايات المتحدة قوة أكبر أمام خصومها الدوليين”.
لكن في المقابل، أثار المشروع انتقادات واسعة؛ إذ يُحذر المشككون من أن البيتكوين، بخلاف الموارد الاستراتيجية التقليدية، يفتقر إلى القيمة الجوهرية ويخضع لتقلبات سعرية حادة، ما يجعله أصلاً غير مستقر للاحتفاظ طويل الأمد. كما أن المخاوف المتعلقة بأمن المحافظ الرقمية، واحتمال تعرّضها للهجمات الإلكترونية، تظل قائمة.
المصدر: رويترز