في ظل اشتداد المنافسة على الموارد وارتفاع تكاليف الإنتاج، أقبل مُعدِّنو البيتكوين في الولايات المتحدة على تكديس احتياطات ضخمة من العملة المشفرة، سعياً للصمود أمام الضغوط المالية التي تتفاقم يوماً بعد يوم. الشركات الأمريكية، مثل Mara Holdings وRiot Platforms وCleanSpark، استفادت من الارتفاع الكبير في سعر البيتكوين، الذي وصل إلى 100,000 دولار الشهر الماضي، لجمع أكثر من 3.7 مليار دولار من المستثمرين منذ نوفمبر الماضي. وتم توجيه هذه الأموال إلى شراء كميات ضخمة من العملة الرقمية، حيث اعتمدت هذه الشركات على سندات قابلة للتحويل بفائدة صفرية أو شبه صفرية للحصول على التمويل.
ووفقاً لفايننشل تايمز، جاءت هذه الخطوات في أعقاب فوز الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، الذي وعد بأن “يتم تعدين وصك وإنتاج البيتكوين في الولايات المتحدة”.
ومع ذلك، يبدو أن الدافع الأساسي وراء هذا التوجه المحموم لشراء البيتكوين هو حماية هذه الشركات من الآثار المترتبة على ارتفاع تكاليف الطاقة، التي باتت تمثل تهديداً مباشراً لاستمرارية عملياتها.
وفي هذا السياق، صرّح راسل كان، مدير التطوير في شركة Core Scientific، قائلًا: “الوضع ليس بسيطًا كما يبدو، فارتفاع سعر البيتكوين لا يعني بالضرورة تحقيق الأرباح للجميع. التحديات المتعلقة بالربحية والوصول إلى الشبكة الكهربائية لا تزال قائمة ومعقدة”.
على الرغم من أن ارتفاع أسعار البيتكوين قد منح القطاع بعض الأمل، إلا أن الضغوط المتعلقة بزيادة تكاليف الإنتاج لم تتراجع. برامج البيتكوين مصممة لتقليص المكافآت التي يحصل عليها المُعدِّنون كل أربع سنوات، وقد أدى التحديث الأخير في أبريل الماضي إلى خفض المكافآت اليومية من 900 إلى 450 عملة.
تُشير تقديرات شركة CoinShares إلى أن متوسط تكلفة إنتاج البيتكوين لجميع الشركات المدرجة في الولايات المتحدة بلغ 55,950 دولاراً للبيتكوين الواحد خلال الربع الثالث من العام، بزيادة 13% مقارنة بالربع السابق. ومع احتساب الاستهلاك وتعويضات الأسهم، وصلت التكلفة الإجمالية إلى 106,000 دولار لكل بيتكوين، في حين كان سعر البيتكوين يوم الاثنين حوالي 102,175 دولاراً.
بدوره، أكد جيمس باترفيل، رئيس الأبحاث في CoinShares، أنه “لولا ارتفاع السعر، لكان عدد كبير من الشركات قد أوقفت أجهزتها أو أعلنت إفلاسها”.
ومع ذلك، فإن ارتفاع سعر البيتكوين أسهم في تحسين مؤشر الربحية المعروف بـ”سعر التجزئة”، الذي ارتفع بنسبة 32% منذ فوز ترامب في الانتخابات.
وفي خضم ذلك، يواجه المُعدِّنون ضغوطاً متزايدة نتيجة ارتفاع معدل التجزئة، الذي يعكس الزيادة في قوة الحوسبة المستخدمة لتأمين شبكة البيتكوين. بلغ هذا المعدل مستوى غير مسبوق يوم الجمعة الماضي، ما يزيد من صعوبة تحقيق أرباح للشركات التي تعاني من ارتفاع تكاليف الإنتاج.
تصفح أيضاً: سعر البيتكوين (BTCUSD) يحقق الهدف الأول – أبرز التوقعات لليوم 06-01-2025
على صعيد آخر، يزداد الضغط على قطاع التعدين في الولايات المتحدة نتيجة المنافسة الشرسة على الموارد.
وفقاً لتقديرات وكالة الطاقة الأمريكية، يُعتقد أن قطاع التعدين يستهلك ما يصل إلى 2.3% من إجمالي الشبكة الكهربائية في البلاد. وفي تكساس، أكبر ولاية أمريكية في مجال التعدين، طلبت الجهات التنظيمية من مراكز البيانات التي تستهلك أكثر من 75 ميجاواط تقديم تقارير سنوية عن استهلاكها للطاقة، في ظل توقعات بزيادة الطلب على الكهرباء بنسبة 60% بحلول عام 2025.
من جانبهم، يؤكد التنفيذيون أن المنافسة مع مطوري الذكاء الاصطناعي تشكل التحدي الأكبر للمُعدِّنين، حيث تمتلك هذه الشركات موارد مالية أضخم. ووفقاً لراسل كان، من شركة Core Scientific، فإن مستقبل التعدين يعتمد بشكل كبير على القرارات الاقتصادية، إذ قال: “من الأفضل استخدام الشبكة كمركز بيانات للذكاء الاصطناعي بدلًا من منشأة لتعدين البيتكوين”.
استجابة لهذه التحديات، تخطط Mara لنقل نصف عملياتها إلى الخارج بحلول عام 2028، مع التركيز على التوسع في مناطق تتمتع بفائض في الطاقة مثل كينيا والإمارات وباراغواي.
وفي المقابل، تتجه شركات مثل Hut 8 وCore Scientific إلى تحويل مراكز بياناتها لتلبية الطلب المتزايد من شركات الذكاء الاصطناعي، التي تستخدم نفس وحدات معالجة الرسومات المُستخدمة في تعدين البيتكوين لمعالجة كميات ضخمة من البيانات.
ورغم أن ارتفاع أسعار البيتكوين يمثل فرصة للشركات، إلا أن الضغوط المتعلقة بتكاليف الطاقة والمنافسة على الموارد تجعل الوضع صعباً للغاية، وفقاً لما أكده زاك برادفورد، الرئيس التنفيذي لشركة CleanSpark، الذي قال: “نعم، ارتفاع البيتكوين يساعد، لكن إذا ارتفعت أسعار الطاقة غداً، فسيظل الوضع صعباً للغاية على المُعدِّنين”.