وجهت السلطات النرويجية تهمًا لأربعة رجال ضالعين في عملية احتيال استثماري واسعة النطاق، حيث جمعت الشبكة مبلغًا قدره 963 مليون كرونة نرويجية (ما يعادل 86.5 مليون دولار أمريكي) من المستثمرين بين مارس 2015 ونوفمبر 2018. وفي بيان رسمي صادر عن السلطات، ادعت الهيئة الوطنية للتحقيق وملاحقة الجرائم الاقتصادية والبيئية في النرويج، المعروفة باسم “أوكوكريم”، أن الاحتيال تم من خلال تشجيع الأفراد على الاستثمار في “حزم منتجات” غير موجودة تحتوي على عملات رقمية وأسهم.
وأكدت “أوكوكريم” أن لديها أدلة دامغة على أن شبكة الأفراد المتهمين لم تقم بأي استثمار حقيقي، وأن أعمالهم لم تحقق أي أرباح سوى من خلال ودائع الضحايا. وقال المدعي العام في “أوكوكريم” يواكيم زيسلر بيرغ، في تصريح له: “نعتقد أن هذه عملية احتيال كبيرة وواسعة النطاق. نحن نتحدث عن العديد من الضحايا في العديد من البلدان الذين فقدوا أموالهم، والمبالغ الكبيرة التي انتهت في يد المتهمين”.
المتهمون في القضية هم أربعة رجال نرويجيين تتراوح أعمارهم بين الخمسينيات والسبعينيات، حيث يُزعم أن ثلاثة منهم جمعوا الأموال المستثمَرة، في حين يُتهم الرابع بالمشاركة في غسيل الأموال. ومن الملاحظ أن الشبكة قد غسلت أكثر من 700 مليون كرونة نرويجية (ما يعادل 62.7 مليون دولار أمريكي) من عائدات الاحتيال عبر شركة استثمار نرويجية، كما تم تحويل الأموال إلى حسابات مرتبطة في دول آسيوية مختلفة.
وتنقل الصحيفة النرويجية “دي إن” أن ضحية من بين المتهمين هو تيرجي هفيدستن، وهو تاجر فنون سابق وله سوابق جنائية تتعلق بالاحتيال، ويقبع في السجن منذ عام 2024 بسبب قضية احتيال أخرى. ومن بين المتهمين أيضًا داج هيتا (المعروف سابقًا باسم فيرناير) إريكسن، الذي له سوابق مماثلة تتعلق بالفساد والاحتيال.
أما المتهمان الآخران، فلم يتم الكشف عن أسمائهما، لكن تم وصف أحدهما بأنه يبلغ من العمر 52 عامًا ومن منطقة روميريكي (التي تقع شمال شرق أوسلو)، في حين كان الآخر محاميًا سابقًا في السبعينيات من العمر، وقد ساعد في غسيل أموال الاحتيال. وقد نفى المتهم البالغ من العمر 52 عامًا المسؤولية الجنائية، في حين قال محامي هفيدستن إن موكله يعترض على وصفه في لائحة الاتهام. أما المتهمان الآخران فقد رفضا التعليق، ومن المتوقع أن تُعقد محاكمة الأربعة في محكمة منطقة أوسلو على مدار 60 يومًا بدءًا من سبتمبر.
تصفح أيضاً: تحذير من عمليات احتيال: العملات المزيفة المرتبطة بترامب
وفي تصريحات له، أكد يواكيم زيسلر بيرغ أن القضية تُظهر أن الجرائم المنظمة في شكل الاحتيال وغسيل الأموال عبر الحدود ستُحقق فيها وتتم ملاحقتها قضائيًا، حتى وإن كان ضحايا الجريمة في دول غير النرويج.
تستمر عمليات الاحتيال الاستثماري في النمو على مستوى النرويج والعالم، حيث يشير الخبراء في هذا المجال إلى أن الاحتيال المرتبط بالعملات الرقمية أصبح أكثر شيوعًا في أوروبا والعالم أجمع. وفي هذا السياق، قالت المحامية المختصة في المنازعات التنظيمية والاحتيال الرقمي في شركة “بينسنت ميسونس” العالمية، سارة توهيغ، إن تقارير شركة “تشيناليسيس” لجرائم العملات الرقمية أظهرت أن عمليات الاحتيال المرتبطة بالاستثمارات ذات العوائد المرتفعة و”الاحتيال بالقائمة البيضاء” توفر أعلى العوائد للمحتالين في مجال العملات الرقمية، حيث تسجل جميع عمليات الاحتيال الرقمية في 2024 أكثر من 9.9 مليار دولار أمريكي من القيمة المتداولة على الشبكة.
وبينما تلاحظ توهيغ أن المعاملات الرقمية لا تزال تمثل “حصة محدودة فقط من الاقتصاد الجنائي”، فإنها أكدت أن الأصول الافتراضية تقدم بعض المزايا للمحتالين، موضحة أن “المجرمين غالبًا ما يستغلون الطبيعة اللامركزية والمجهولة للعملات الرقمية للقيام بأنشطة احتيالية وإخفائها بشكل أسهل. وهذا يجعل من الصعب على السلطات التنظيمية وإنفاذ القانون تتبع الأموال واستعادتها”.
وفي سياق الجهود المتزايدة لمكافحة هذه الجرائم، بدأت الهيئات التنظيمية في اللحاق بالركب، حيث تسعى لائحة “أسواق الأصول الرقمية” التابعة للاتحاد الأوروبي (MiCA) إلى التصدي للتهديد المتزايد للاحتيال من خلال فرض متطلبات صارمة على مقدمي خدمات الأصول الرقمية. كما أكدت توهيغ أن “حزمة مكافحة غسيل الأموال الجديدة في الاتحاد الأوروبي هي محايدة تقنيًا لضمان عدم استخدام عائدات الجرائم الرقمية في غسل الأموال أو تمويل الإرهاب، مما يوفر حماية قانونية للمستثمرين والشركات العاملة في مجال العملات الرقمية”.
