ارتفعت الأسهم الآسيوية ارتفاعاً طفيفاً صباح الثلاثاء، في حين تراجع الدولار إلى أدنى مستوى له منذ ستة أسابيع، متأثراً بحالة الترقب وعدم اليقين التي تخيم على الأسواق العالمية بفعل السياسات التجارية الأميركية المتقلبة، والتي دفعت المستثمرين إلى الحذر بانتظار تطورات مرتقبة خلال الأيام المقبلة.
وفي هذا السياق، أفادت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، يوم الإثنين، بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ سيجريان على الأرجح مكالمة هاتفية خلال هذا الأسبوع، وذلك بعد أن وجه ترامب اتهامات إلى بكين بانتهاك اتفاق سابق يتضمن تقليص الرسوم الجمركية والقيود التجارية. ومن المتوقع أن تحظى هذه المكالمة بمتابعة دقيقة من جانب الأسواق، التي تضررت بشدة من التوترات التجارية المستمرة بين الولايات المتحدة والصين، والناجمة عن الإجراءات التعريفية المتبادلة.
وتزامناً مع ذلك، أظهرت بيانات اقتصادية يوم الإثنين أن قطاع التصنيع في الولايات المتحدة سجل انكماشاً للشهر الثالث على التوالي في مايو، في حين أبلغ الموردون عن أطول فترات تسليم منذ ما يقارب ثلاث سنوات، وسط استمرار تأثير الرسوم الجمركية.
تصفح أيضاً: توقعات أسعار الذهب خلال الأشهر القادمة: نظرة تحليلية مستقبلية
وصرّح خبراء اقتصاد في “ويلز فارجو” بأن مؤشر معهد إدارة التوريد الأميركي لشهر مايو أظهر بوضوح أن الضغط الناتج عن التعريفات الجمركية بدأ يثقل كاهل المصنعين، من خلال تباطؤ النشاط، وزيادة فترات التسليم، وتراجع حجم المخزون.
وفي المقابل، أظهر مسح خاص صدر الثلاثاء أن النشاط الصناعي في الصين انكمش خلال مايو للمرة الأولى منذ ثمانية أشهر، ما يدل على أن تأثير الرسوم الأميركية بدأ يطال قطاع التصنيع الصيني بدوره.
هذه الأجواء القاتمة في التجارة العالمية ألقت بظلالها على العقود الأميركية الآجلة خلال جلسة التداول الآسيوية، إذ فشلت في الحفاظ على المكاسب الطفيفة التي سجلتها في جلسة وول ستريت الليلة السابقة، حيث تراجعت عقود ناسداك وستاندرد آند بورز 500 بنحو 0.3% لكل منهما. أما في أوروبا، فقد سجلت العقود الآجلة لمؤشري يوروستوكس 50 وفوتسي ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.1%.
وفي آسيا، عوّض مؤشر “إم إس سي آي” الأوسع نطاقاً لأسهم آسيا والمحيط الهادئ خارج اليابان خسائره المبكرة، ليرتفع بنسبة 0.4%، بينما صعد مؤشر نيكاي الياباني بنسبة 0.1%.
وفي هذا الإطار، صرّح مات سيمبسون، كبير المحللين في “سيتي إندكس”، قائلاً: “يبدو أن ترامب عاد مجدداً ليمسك بزمام مزاج الأسواق”، مشيراً إلى احتمال أن يصدر تصريح إيجابي عقب الاتصال المرتقب بينه وبين شي جين بينغ، على غرار عبارات مثل “مكالمة ممتازة” أو ما شابه.
وأضاف أن الصين، كعادتها، تتريث في إصدار تأكيد رسمي، ما يعني أن الأسواق ستبقى في حالة تذبذب وترقب، لا سيما مع اقتراب المهلة التي حددتها الإدارة الأميركية في 4 يونيو الجاري، لتلقي أفضل العروض التجارية من شركائها.
وفي هذا الإطار، تطالب إدارة ترامب شركاءها التجاريين بتقديم عروضهم الأفضل في المفاوضات التجارية بحلول يوم الأربعاء، في خطوة تهدف إلى تسريع وتيرة المحادثات المتعددة قبل حلول موعد نهائي ذاتي فرضته الإدارة بعد خمسة أسابيع فقط.
من جهة أخرى، استأنفت الأسواق الصينية تعاملاتها بعد عطلة طويلة بنشاط محدود، إذ ارتفع مؤشر “سي إس آي 300” للأسهم القيادية بنسبة 0.3%، بينما سجل مؤشر شنغهاي المركب ارتفاعاً قدره 0.4%. وفي هونغ كونغ، قفز مؤشر هانغ سنغ بأكثر من 1%، متعافياً من أدنى مستوى له منذ شهر، والذي بلغه يوم الإثنين.
وفي سياق موازٍ، واصل الدولار تراجعه صباح الثلاثاء ليبلغ أدنى مستوى له في ستة أسابيع مقابل سلة من العملات، وذلك قبيل صدور بيانات الوظائف غير الزراعية في الولايات المتحدة يوم الجمعة، والتي ينتظرها المستثمرون باعتبارها مؤشراً حاسماً على الوضع الاقتصادي الأميركي.
ويُنظر إلى ارتفاع البطالة كأحد العوامل القليلة القادرة على دفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى التفكير في التيسير النقدي مجدداً، بعد أن تضاءلت آمال الأسواق في خفض قريب لأسعار الفائدة خلال هذا الشهر أو الذي يليه.
وسجل مؤشر الدولار في تداولاته الأخيرة ارتفاعاً طفيفاً ليبلغ 98.86، مقلصاً بعض خسائره السابقة. وبلغ اليورو أعلى مستوى له في ستة أسابيع، قبل أن يتراجع جزئياً ليتم تداوله عند 1.1421 دولار، فيما انخفض الجنيه الإسترليني بنسبة 0.14% إلى 1.3525 دولار.
وفي حال صدور تقرير ضعيف عن الوظائف الأميركية، فقد يشكل ذلك متنفساً لسوق السندات الأميركية، حيث لا تزال عوائد سندات الثلاثين عاماً تقترب من حاجز 5%، مع مطالبة المستثمرين بعلاوة مخاطر أعلى لمواجهة التوسع المتزايد في المعروض من الدين الحكومي.
ومن المنتظر أن يبدأ مجلس الشيوخ الأميركي هذا الأسبوع مناقشة مشروع قانون ضريبي وإنفاقي، من المتوقع أن يضيف ما يُقدّر بـ3.8 تريليون دولار إلى الدين العام، الذي يبلغ حالياً 36.2 تريليون دولار.
وفي هذا السياق، صرح فيشنو فاراتان، رئيس أبحاث الاقتصاد الكلي لمنطقة آسيا (باستثناء اليابان) في “ميزوهو”، قائلاً: “تشير المعطيات إلى أن علاوة الأجل يعاد تسعيرها بشكل مرتفع، نتيجة للمخاطر المتعلقة بالسياسات المالية والتجارية والائتمانية الأميركية، فضلاً عن المخاوف الجيو-اقتصادية، واحتمال تراجع قيمة الدولار”.
أما مقابل الين الياباني، فقد ارتفع الدولار بنسبة 0.2% ليبلغ 142.92 ين. وكان محافظ بنك اليابان، كازوؤو أويدا، قد صرح يوم الثلاثاء بأن البنك المركزي سيرفع أسعار الفائدة عندما يتأكد بما فيه الكفاية من أن النمو الاقتصادي والتضخمي سيستأنف مساره بعد فترة من الركود.
وفي أسواق السلع، ارتفعت أسعار النفط مدفوعة بمخاوف تتعلق بالإمدادات، حيث صعدت العقود الآجلة لخام برنت بنسبة 0.34% لتسجل 64.85 دولاراً للبرميل، بينما ارتفع الخام الأميركي بنسبة 0.45% ليبلغ 62.79 دولاراً. وتراجعت أسعار الذهب الفوري من أعلى مستوى لها منذ أربعة أسابيع، ليستقر عند 3362.10 دولاراً للأوقية.