شهدت الأسواق العالمية يوم الثلاثاء اضطرابًا ملحوظًا، حيث تراجعت مؤشرات الأسهم العالمية وارتفعت أسعار النفط، وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، بينما تعامل المستثمرون بحذر مع إعلان بنك اليابان إبطاء وتيرة تقليص مشترياته من السندات.
وقد أثارت هذه التطورات تحوّلًا سريعًا نحو تجنّب المخاطر، حيث تراجعت العقود الآجلة لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 0.4%، بينما انخفضت العقود الآجلة الأوروبية بنسبة 0.7%. وفي المقابل، قفزت أسعار النفط بنسبة 0.7% لتصل إلى قرابة 73 دولارًا للبرميل، بعد أن سجّلت ارتفاعًا تجاوز 2% خلال التداولات المبكرة.
وفي هذا الإطار، أشار خبراء ماليون إلى تصاعد المخاوف من انخراط قوى دولية في تحركات عسكرية محتملة، مما يضيف عنصرًا جديدًا من الغموض ويعزز التوجه العام نحو الأصول الآمنة. وقد أسهم هذا المشهد في ارتفاع أسعار الذهب بنسبة 0.3%، بينما دفعت مشتريات السندات الأميركية عوائدها إلى الانخفاض على مختلف الآجال.
ويترقب المستثمرون بحذر احتمال امتداد هذه التوترات إلى مناطق أخرى غنية بالموارد النفطية، على الرغم من عدم تسجيل أي تعطل فعلي في الإنتاج أو الإمدادات حتى الآن. وقد بدت أسواق الطاقة الأكثر تقلبًا، في حين اتسم أداء أسواق الأسهم والعملات بالحذر والترقب.
وشهدت المنطقة خلال الساعات الماضية تصعيدًا حادًا في المواجهات، حيث استُهدفت منشآت استراتيجية ومراكز إعلامية حساسة، في تطور وصف بأنه الأكبر منذ سنوات.
وفي سياق اقتصادي موازٍ، أطلق بنك اليابان اجتماعات البنوك المركزية العالمية هذا الأسبوع، معلنًا الإبقاء على سعر الفائدة قصيرة الأجل دون تغيير عند 0.5%، كما قرر الاستمرار في تنفيذ خطته الحالية لتقليص مشترياته من السندات حتى مارس 2026.
لكنه كشف في المقابل عن خطة جديدة تبدأ في أبريل المقبل تهدف إلى تقليص ميزانيته العمومية بوتيرة أكثر بطئًا.
وقد دأب بنك اليابان، على مدى سنوات، على دعم اقتصاد البلاد المتعثر عبر شراء كميات ضخمة من السندات الحكومية، إلا أنه بدأ منذ يوليو الماضي في تنفيذ سياسة “التشديد الكمي” تدريجيًا.
وقد تسببت المزادات الأخيرة، التي شهدت ضعفًا في الطلب، في ارتفاع العوائد على السندات طويلة الأجل إلى مستويات غير مسبوقة، ما دفع البنك إلى تعديل وتيرة تقليصه لتوفير استقرار نسبي في سوق السندات. ويُرتقب أن يشكل المزاد المقبل لسندات العشرين عامًا، المقرر في 24 يونيو، اختبارًا حاسمًا لتوجهات السوق.
تصفح أيضاً: تراجع العملات الآسيوية مع تزايد المخاوف الجيوسياسية في الشرق الأوسط؛ الين يرتفع بعد قرار بنك اليابان
في غضون ذلك، ارتفع الين الياباني ليسجل 144.56 أمام الدولار، بينما ارتفعت عوائد السندات لأجل 5 و10 سنوات بنحو ثلاث نقاط أساس لكل منهما، مدفوعة بتوقعات تدعم تقليص الدعم للسندات الأقصر أجلاً.
ويُنتظر أن يدلي حاكم بنك اليابان، كازو أويدا، بتصريحات مهمة في مؤتمر صحفي عند الساعة 06:30 بتوقيت غرينتش، وسط ترقّب واسع في الأوساط المالية. وفي هذا الصدد، قال سايسوكي ساكاي، كبير الاقتصاديين في مركز ميزوهو للأبحاث والتقنيات، إن “تباطؤ وتيرة تقليص السندات كان موضع ترحيب من السوق، وقد يساهم في كبح جماح ارتفاعات محتملة في أسعار الفائدة طويلة الأجل، خاصة إذا قرر البنك رفع سعر الفائدة مرة أخرى”.
ومع احتدام المشهد العالمي، تتوجه الأنظار الآن إلى مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، الذي من المتوقع أن يُبقي على أسعار الفائدة دون تغيير خلال اجتماعه المرتقب يوم الأربعاء. غير أن التركيز الأكبر سيبقى منصبًا على التصريحات التي سيدلي بها رئيس المجلس، جيروم باول، بشأن السياسة النقدية المستقبلية، في ظل السعي إلى احتواء تأثيرات التقلبات التجارية العالمية والسياسات الجمركية المفاجئة.
ويُسعّر المتعاملون في الأسواق حاليًا خفضين محتملين في أسعار الفائدة الأميركية قبل نهاية العام، بينما تستمر المتابعة الدقيقة لتطورات المحادثات التجارية، لا سيما في ظل اقتراب المهلة التي حددها البيت الأبيض مطلع يوليو لفرض تعريفات جمركية جديدة.
وكانت المحادثات التجارية الثنائية بين الولايات المتحدة واليابان، على هامش قمة السبع، قد فشلت في تحقيق اختراق يُذكر، في حين لا تزال الخلافات قائمة بشأن الرسوم المفروضة على صادرات الصلب والألمنيوم البريطانية.