أعلنت شركة تسلا أنها أنجزت عملية تسليم تاريخية، تمثلت في إيصال سيارة جديدة إلى أحد العملاء دون وجود سائق، وذلك يوم الجمعة في مدينة أوستن بولاية تكساس. وتأتي هذه الخطوة في وقت تواجه فيه مبيعات تسلا ضغوطًا متزايدة من علامات السيارات الكهربائية الصينية، إضافة إلى ردود فعل سلبية من المستهلكين تجاه الشركة، بسبب مواقف الرئيس التنفيذي إيلون ماسك، وسياسته، وتعاونه مع إدارة ترامب.
وأكد ماسك أن الشركة أنجزت أول تسليم لمركبة جديدة من طراز “موديل Y” دون سائق، من مصنع تسلا الضخم في أوستن إلى مبنى سكني في المنطقة، بتاريخ 27 يونيو.
وقد نشر الحساب الرسمي لشركة تسلا على منصة X، المملوكة أيضًا لماسك، مقطع فيديو خلال الليل يظهر فيه طراز “موديل Y” وهو يسير في شوارع أوستن، بما في ذلك الطرق السريعة، دون وجود أي شخص في مقعد السائق أو الراكب الأمامي.
اقرأ أيضاً: روبرت كيوساكي يدعو للاستثمار في الفضة: “الفرصة الآن قبل ارتفاع الأسعار المنتظر”
ولم تفصح تسلا عن نوع البرنامج أو العتاد المُثبت والمستخدم في المركبة الظاهرة في الفيديو، أو ما إذا كانت هذه التقنية ستتاح تجاريًا لعملاء الشركة، ومتى يمكن ذلك.
يُشار إلى أن دليل مالكي سيارة موديل Y المنشور على موقع تسلا ينص على أن استخدام ميزة القيادة الذاتية الكاملة (الخاضعة للإشراف)، وهي النظام الأكثر تقدمًا من أنظمة القيادة الآلية لدى الشركة حاليًا، يتطلب من السائق إبقاء يديه على عجلة القيادة، والبقاء مستعدًا لتولي التحكم في التوجيه أو الكبح في أي لحظة.
وقد ظهر في الفيديو أن المركبة كانت تسير على الطريق السريع، مرورًا بالشوارع السكنية ومواقف السيارات، قبل أن تصل وتتوقف لتُسلَّم إلى العميل. وكان المشتري ينتظر على الرصيف أمام مبنى سكني، برفقة موظفين من تسلا، بعضهم يرتدي قمصانًا عليها شعار الشركة. وقد تم طلاء الرصيف باللون الأحمر، مما يشير إلى أنه ممر طوارئ يُمنع التوقف فيه.
وفي عام 2016، نشرت تسلا مقطع فيديو عن القيادة الذاتية يُعرف باسم “Paint It Black”، تم إنتاجه بطريقة مبالغ فيها لتضخيم قدرات القيادة الذاتية، وهو ما كشفته الإفادات لاحقًا.
وتخضع تسلا حاليًا لتحقيق من قِبل الإدارة الوطنية لسلامة المرور على الطرق السريعة (NHTSA) بشأن عيوب محتملة في أنظمة القيادة الذاتية الكاملة، وقد طلبت مؤخرًا مزيدًا من المعلومات من الشركة حول تجربة الروبوتاكسي، بعد رصد مركبات لها وهي تنتهك بعض قواعد المرور.
وفي منشورات على منصة X يوم الجمعة، كتب ماسك: “تم الآن إكمال أول عملية تسليم مستقلة بالكامل لسيارة تسلا موديل Y من المصنع إلى منزل أحد العملاء في المدينة، بما في ذلك الطرق السريعة، قبل الموعد المحدد بيوم! تهانينا لفرق الذكاء الاصطناعي في تسلا، في البرمجيات وتصميم شرائح الذكاء الاصطناعي!”
كما كتب أيضًا: “لم يكن هناك أي أشخاص داخل السيارة إطلاقًا، ولا مشغّلين عن بُعد يتحكمون بها في أي لحظة. إنها قيادة مستقلة بالكامل! وعلى حد علمنا، هذه أول قيادة مستقلة تمامًا دون وجود أشخاص داخل السيارة أو تحكم عن بُعد بها على طريق سريع عام.”
ويُذكر أن ادعاء ماسك حول “أول قيادة مستقلة بالكامل” على طريق سريع عام لم يكن دقيقًا. فشركة Waymo، التابعة لشركة Alphabet، تُشغّل بالفعل خدمات روبوتاكسي تجارية في عدة مدن أميركية، وقد بدأت في توفير رحلات مستقلة بالكامل على الطرق السريعة في فينيكس لموظفيها منذ عام 2024، قبل أن توسّع الخدمة إلى لوس أنجلوس وسان فرانسيسكو.
وقال أشوك إيلوسوامي، رئيس قسم الذكاء الاصطناعي في تسلا، في منشورات على منصة X، إن الشركة “اختارت حرفيًا أحد العملاء بشكل عشوائي ممن طلبوا طراز موديل Y في منطقة أوستن” للمشاركة. وأضاف أن المركبة المُسلَّمة “مطابقة تمامًا لكل سيارة موديل Y تُنتج في مصنع تسلا.”
وأشار إيلوسوامي في منشور آخر على X إلى أن المركبة التي تم تسليمها دون سائق بلغت سرعتها القصوى 72 ميلًا في الساعة. ويُذكر أن الحد الأقصى للسرعة في معظم الطرق السريعة في ولاية تكساس هو 70 ميلًا في الساعة، وفقًا لموقع إدارة النقل في الولاية.
وعلى صعيد آخر، بدأت تسلا خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضية برنامجًا تجريبيًا للروبوتاكسي في مدينة أوستن، يشمل ما بين 10 إلى 20 مركبة من طراز موديل Y، مزودة بتقنيات لم تكشف الشركة عنها للجمهور.
ويقتصر استخدام خدمة الروبوتاكسي من تسلا على مجموعة مختارة من الركاب المدعوين، معظمهم من المؤثرين والمحللين الذين يحققون أرباحًا من نشر محتوى مؤيد لتسلا على منصات مثل X ويوتيوب. وتعمل مركبات الروبوتاكسي هذه بوجود مشرف أمان بشري في المقعد الأمامي للراكب، وتخضع لإشراف عن بُعد من قِبل موظفين في مركز عمليات تابع للشركة.
ومنذ عام 2016، يواصل ماسك وعده بأن جميع سيارات تسلا الكهربائية ستتمكن قريبًا من التحول إلى سيارات مستقلة بالكامل، من خلال تحديث برمجي يُرسل عبر الشبكة. وفي وثيقته المسماة “الخطة الرئيسية، الجزء الثاني”، شرح تصورًا لمستقبل يتمكن فيه كل مالك لتسلا من إضافة مركبته إلى “أسطول تسلا المشترك” بمجرد الضغط على زر في تطبيق الهاتف الخاص بتسلا، لتبدأ السيارة بجني الدخل لصاحبها أثناء نومه.
وفي عام 2019، أعلن ماسك أن تسلا ستوفر مليون مركبة روبوتاكسي على الطرق بحلول عام 2020، وهو ما ساعده في جمع تمويل بقيمة ملياري دولار آنذاك من مستثمرين مؤسساتيين.
ورغم أن تسلا لم تحقق هذه الوعود حتى الآن، فإن عملية التسليم دون سائق في تكساس هذا الأسبوع أثارت حماسة بين مؤيدي ماسك وأتباع رؤيته المستقبلية.
وفي المقابل، تواجه تسلا ردود فعل سلبية متزايدة تجاه علامتها التجارية، بسبب التصريحات السياسية المثيرة للجدل للرئيس التنفيذي، ودعمه لحزب البديل اليميني المتطرف في ألمانيا، وتعاونه مع إدارة ترامب.
وقد شهدت مبيعات تسلا تراجعًا على أساس سنوي في أسواق رئيسية، لاسيما في أوروبا، خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2025، ويرجع ذلك جزئيًا إلى هذا التراجع في صورة العلامة التجارية. كما تواجه الشركة منافسة متزايدة من شركات تصنيع السيارات الكهربائية، لا سيما العلامات الصينية مثل BYD وNio وXiaomi، التي توفر طرازات أحدث وأكثر توفيرًا من حيث التكلفة.
ومن المقرر أن تعلن تسلا عن أرقام الإنتاج والتسليم للمركبات في الربع الثاني بتاريخ 2 يوليو المقبل.