أعلنت شركة «أوبن إيه آي» يوم الخميس عن بدء طرح نموذجها اللغوي الأحدث «GPT-5» لجميع مستخدمي «تشات جي بي تي»، سواء في نسخته المجانية أو في الاشتراكات المدفوعة.
وجاء هذا الإعلان بالتزامن مع تصريحات للرئيس التنفيذي للشركة سام ألتمان خلال مؤتمر صحفي، أكد فيها أن النموذج الجديد يمثل «خطوة جوهرية على طريق الوصول إلى الذكاء الاصطناعي العام»، موضحًا أنه على الرغم من عدم بلوغه التعريف الكامل لهذا النوع من الذكاء — الذي تصفه الشركة في ميثاقها بأنه «نظام عالي الاستقلالية يتفوق على البشر في معظم الأعمال ذات القيمة الاقتصادية» — إلا أنه نموذج يتمتع بذكاء عام واضح، لكنه ما زال يفتقر إلى بعض السمات الأساسية مثل القدرة على التعلم المستمر بعد النشر.
وأكدت الشركة أن «GPT-5» يتميز بكونه أكثر ذكاءً وسرعة وفائدة ودقة مقارنة بالإصدارات السابقة، مع انخفاض كبير في معدل إنتاج المعلومات غير الصحيحة. وشبّه ألتمان القفزة بين «GPT-4» و«GPT-5» بالانتقال في هواتف آيفون من الشاشة البكسلية إلى شاشة الريتينا، مضيفًا أن التجربة مع النموذج الجديد تشبه الحوار مع خبير بدرجة دكتوراه في أي مجال.
وفي إطار الإطلاق، أعلنت الشركة عن إصدارين إضافيين: «GPT-5-mini» خفيف الوزن، و«GPT-5-nano» الأسرع والأقل تكلفة والمخصص للاستخدام عبر واجهة برمجة التطبيقات (API). وسيحصل المستخدمون المجانيون على «GPT-5» و«GPT-5-mini»، بينما تتضمن اشتراكات «Plus» الحدود الأعلى للاستخدام. أما باقة «Pro» التي تبلغ 200 دولار شهريًا، فتتيح وصولًا غير محدود إلى «GPT-5»، وإلى إصدار «GPT-5-pro» الأقوى، و«GPT-5-thinking» الذي يمنح وقتًا أطول لمعالجة الطلبات.
وأوضحت الشركة أن معظم المستخدمين لن يضطروا لاختيار الإصدار يدويًا، إذ يقوم النظام تلقائيًا بتحديد النموذج الأنسب وفق تعقيد الطلب ونوع الاشتراك.
كما كشفت الشركة عن تسعيرة النموذج عبر واجهة برمجة التطبيقات، إذ تبلغ تكلفة إدخال مليون رمز في «GPT-5» نحو 1.25 دولار، وإخراج مليون رمز 10 دولارات. ويبلغ سعر «GPT-5-mini» 0.25 دولار للإدخال و2 دولار للإخراج، فيما تصل تكلفة «GPT-5-nano» إلى 0.05 دولار للإدخال و0.40 دولار للإخراج، وهو سعر أقل من بعض النماذج المنافسة منخفضة التكلفة.
ومن المقرر أن يتمكن مشتركو «Pro» بدءًا من الأسبوع المقبل من ربط حساباتهم في «جيميل» و«جهات اتصال جوجل» و«تقويم جوجل» مع «تشات جي بي تي»، على أن يتم إتاحة الميزة لبقية الفئات في وقت لاحق. وأكدت الشركة أن النظام سيستحضر هذه البيانات تلقائيًا عند الحاجة دون تدخل يدوي من المستخدم.
وتتيح المنصة كذلك اختيار لون المحادثة، وانتقاء إحدى أربع شخصيات معدة مسبقًا هي: «الساخر»، «الروبوت»، «المستمع»، و«المهتم بالتفاصيل»، مع خطط لدمج هذه الشخصيات في «وضع الصوت المتقدم». كما توفر واجهة برمجة التطبيقات جميع الإصدارات الثلاثة من النموذج، مع خيار التبديل بين الردود التفصيلية أو المباشرة.
تصفح أيضاً: عرض ضخم لشراء “أوبن إيه آي” يثير التوتر بين ماسك وألتمان
ويمتاز «GPT-5» بقدرة أكبر على الاحتفاظ بالمعلومات، إذ يدعم نافذة سياق تصل إلى 256 ألف رمز، مقارنة بـ200 ألف في نموذج الشركة السابق «o3»، مما يعزز قدرته على فهم المحادثات الطويلة أو الوثائق والبرمجيات المطولة دون فقدان السياق.
ووفق مدونة الشركة، فقد سجل «GPT-5» نتائج متقدمة في عدة اختبارات برمجية، من بينها «SWE-Bench Verified» بنسبة 74.9%، و«SWE-Lancer» بنسبة 55% في إصدار «GPT-5-thinking»، و«Aider Polyglot» بنسبة 88%، وهي اختبارات تقيس القدرة على إصلاح الأخطاء البرمجية، وإتمام مهام البرمجة المستقلة، والعمل بلغات برمجة متعددة.
وخلال المؤتمر الصحفي، استعرض يان دوبوا، رئيس قسم ما بعد التدريب في «أوبن إيه آي»، قدرة «GPT-5» على تطوير تطبيق ويب تفاعلي لتعليم اللغة الفرنسية، يتضمن نظام تقدم يومي وأنشطة متنوعة مثل البطاقات التعليمية والاختبارات القصيرة، مع تصميم جذاب. وظهرت النتيجة خلال دقيقة تقريبًا على شكل موقع أنيق يطابق المطلوب.
وقالت ميشيل بوكرس، إحدى قيادات ما بعد التدريب، إن النموذج «متعاون ممتاز في البرمجة، ويتفوق كذلك في المهام التي تتطلب استقلالية في التنفيذ»، موضحة أنه ينفذ سلاسل أوامر طويلة ويستدعي الأدوات الخارجية بكفاءة، ويتبع التعليمات التفصيلية، ويشرح خطواته مسبقًا.
كما أوضحت الشركة في مدونتها أن «GPT-5» هو «أفضل نموذج لدينا حتى الآن للإجابة عن الأسئلة الصحية»، حيث سجل إصدار «GPT-5-thinking» تقدمًا ملحوظًا في اختبارات «HealthBench» بأنواعها مقارنة بالنماذج السابقة، مع مراجعة واعتماد النتائج من قبل أكثر من طبيب. وأشار أليكس بويتل، رئيس أبحاث السلامة، إلى أن معدلات إنتاج المعلومات غير الصحيحة انخفضت بنسبة كبيرة، وأن النموذج أصبح أقل ميلًا للتضليل أو التحايل على المهام، مع تدريبه على الفشل بشكل آمن عند مواجهة طلبات غير قابلة للحل.
ووفق بيانات الشركة، انخفض معدل الهلاوس في «GPT-5» بنسبة 26% مقارنة بـ«GPT-4o»، فيما انخفض في إصدار «GPT-5-thinking» بنسبة 65% مقارنة بالنموذج «o3». كما أكدت الشركة أنها أجرت أكثر من 5,000 ساعة من الاختبارات الأمنية والتجارب بالتعاون مع جهات خارجية لضمان متانة النظام.
وأعلنت «أوبن إيه آي» أن «تشات جي بي تي» بات يضم نحو 700 مليون مستخدم نشط أسبوعيًا، بينهم 5 ملايين مشترك من الشركات، و4 ملايين مطور يستخدمون واجهة برمجة التطبيقات. واختتم نيك تورلي، رئيس «تشات جي بي تي»، بالتأكيد على أن التجربة التي يمنحها النموذج الجديد «ممتازة، وسيشعر بها الجميع، خاصة من لم يكن منشغلًا سابقًا بالتفكير في النماذج».
